سوف تكسبون … ولكنكم لن تنتصروا
ضرغام الدباغ
الحرب الأهلية تجتاح ا سبانيا من أقصاها إلى أقصاها، والتوحش وسعار القتل أنتشر
بين الناس، الجمهوريون أصحاب السلطة الشرعية، لا أحد يؤيدهم ويقف معهم بدقة
عدا الاتحاد السوفيتي، بالمال والسلاح والرجال. والتقدميون من أرجاء العالم هبوا
لنصرة الجمهوريين. المعسكر الجمهوري كان عريضا،ً ولكن الشرفاء دائما فقراء،
والفقراء لا يملكون سوى سواعدهم وصدورهم.
أما المعسكر اليميني )الفلانج( فقد كان صغيرا ضئيلاً في ا سبانيا لم يكن يضم سوى
الأثرياء وأصحاب الأرض، وغلاة اليمين، والجنرالات المغامرون، القادمون من الحروب
الاستعمارية، تسيل الدماء من أشداقهم، يبطشون بأبناء شعبهم لا رحمة. ولكن المال
الذي كان يسيل كالنهر من أوربا الغربية وأميركا بأيدي الجنرالات، تمكنوا بواسطته
شراء ذمم الناس، إضافة إلى ممارسة العنف والسحق بلا هوادة، بدأ يعطي ثمار ه.
اليمين والفاشية الاسبانية بقيادة الجنرال فرانكو القادم من المستعمرات، تمكن من
التفاهم مع الفاشية الإيطالية المتمثلة بموسوليني، ومع النازية الألمانية بقيادة
هتلر، الذين لم يترددوا بإرسال قوات مسلحة ضاربة إلى اسبانيا لدعم الفاشية
الاسبانية، ومنحوها صلاحيات الإبادة للقوى الشعبية الاسبانية. وابتدأت الكفة تميل
لصالح القوى اليمينية والفاشية، وانعكس ذلك على الموقف في الجبهات.
برشلونة التي كانت قلعة للقوى التقدمية، المدينة العمالية العريقة، التي كان
اليساريون الاسبان يهيمنون عليها بالانتخابات الديمقراطية )450 ألف عامل نقابي(،
ومن برشلونة أنحدر القائد العمالي التقدمي الكبير دورتي، تمكن منها الفاشيون
واحتلوها، وأقاموا فيها المجازر، لا يميزون بين مسلح وأعزل وإمرأة ورجل وشاب
وطفل، وكان الفلانج )اليمنيون( بقيادة الجنرال ميلان أستراي Astray Millan وهو
مؤسس الفرقة الأجنبية في الجيش الا سباني. والجنرال أستراي كان من أبرز
الشخصيات في جبهة الفاشست. نحيف، فظ كان قد قاتل من أجل ا سبانيا في الفلبين
ثم خدم في الفرقة الأجنبية الفرنسية ثم أسس مثلها في الجيش الأسباني وقاتل
بفرقته بشراسة في جميع المعارك التي جرت في مراكش. وعندما حدث الانقلاب
المعادي للجمهورية كان في الأرجنتين لكنه عاد على الفور إلى ا سبانيا.
وهذا المحارب القديم كان قد جرح عدة مرات في الاشتتتتتباكات التي خاضتتتتها والتي
فقد فيها إحدى عينيه وإحدى ذراعيه وعدد من الأصتتتتابع في الذرام المتبقية، وها هو
الت ن يلقي خطتابتاً من الشتتتتترفتة على النتاس وعلى جنوده مبتتدأ خطتابته بجملتته
المشتتتتهورة Muerte la Viva” ” يحيا الموت”، ثم ليقول ” فليأت الحمر … الموت
لهم جميعاً “.
ولكن كان هناك رجل في معستكر الفاشتستت، أمتلك الشتجاعة وتجاستر ووقف بوجه
الجنرال أستتتراي، وهو ميغويل دي أونا مونو) Unamuno de Miguel)، البروفستور
العجوز عميد جامعة ستتلامانكا. والبروفستتور الذي كان متعاطف أصتتلاً مع الانقلاب،
3
بل وكان قد تبرم بالمال أيضتتاً من أجل ” نضتتال الحضتتارة ضتتد ال لم والتعستتف”
ولكنه ال ت يشتتتتعر بالاشتتتتمئزاز من الإرهاب الفاشتتتتا الدموي وشتتتتعاراتهم المبتذلة
البذيئة التي أحتقرها كمثقف . (1(
في 12 / تشرين الأول، احتفلت الشخصيات
البتارزة التي اختتارت متدينتة ستتتتتلتامتانكتا كمقر
لقيادة التمرد الفاشستي في مبنى الجامعة
بمناستتتتبة اليوم الستتتتنوي لاكتشتتتتاف القارة
الأمريكية بواستتتطة الاستتتباني كولومبوس،
ومن أجل اسبانيا.
وفي هتذه المنتاستتتتتبتة القى الجنرال ميلتان
أستت تتراي خطاباً وهو الذي كان يستت تتغل كل
منتاستتتتتبتة من أجل عرض ما تريد الفتاشتتتتتية
عرضتتتتتتته. وفي خطتتابتته أدعى أن أكثر من
نصتف الاستبان هم مجرمين وخونة. ووصف
مقاطعة الباستك وكاتالونيا بأنها كالرترطان
في جستتتتتم التأمتة وإن اللحم الصتتتتتحي هو
الأرض واللحم المريض هو الشتع وإن الفاشتية والجيش ستيقومان بالإصتلاح اللازم
وتقديم الأرض كمنحة مقدسة.
وتعتالى هتتاف الحتاضتتتتترين ” يحيتا الموت ” ثم رفعوا أذرعهم بتالتحيتة الفتاشتتتتتيتة وهم
يصرخون فرانكو ..فرانكو .. فرانكو .
وهنا نهض عميد الجامعة وساد القاعة صمت الموت عندما بدأ البروفسور الحديث:
” أريد أن أقول شتيئاً بالنستبة إلى الخطاب، لنستميه هكذا، الذي ألقاه الجنرال ميلان
أستتتراي. لندم الإهانة الشتتخصتتية جانباً وأنا الذي ولدت في بلباو الباستتكية وأستتقفنا
كان كاتالانياً من برشلونه. ولا أدري إن كان هذا سيسمع برحابة صدر أم لا .
ها أنا أستمع صتيحات مجنونة ” ليحيا الموت” .. وأنا الذي أمضتيت ستنين أعمل في
التناقضتتتتتات واللامعقول، أقول لقد صتتتتتدمني هذا اللامعقول. وإذ أجد نفرتتتتتا بين
المتتتتتتتحدثين، فأنني أريد أن أوضتح شتيئاً إن الجنرال ميلان أستراي قد قرر بنفسه بأنه
رمز للموت.. والجنرال أستتتراي هو من ذوي العاهات، ولستتوء الحظ يوجد اليوم كثير
وكثير جداً من ذوي العاهات في استتتتتتتتبانيا، وقريباً ستيكونون أكثر إذا لم يرحمنا .
هنتا يحتاول واحتداً من ذوي العتاهتات أن يبستتتتتج ستتتتتؤالتاً وجيهتاً يشتتتتتبكته في محيطته،
الجنرال ميلان أستتراي يريد أن يصتنع استبانيا جديدة على صتورته هو، لذلك فهو يريد
اسبانيا معوقة وهو ما أوضحه لنا بشكل لا يقبل الالتباس “.
4
وإلى هنا لم يستتتتطع الجنرال أن يتحمل، فهتف مزمجراً ” الموت للمثقفين” انفجرت
خلفته عتاصتتتتتفتة، وألتف أتبتاعته حول بطلهم التذي أهين، و خرين وقفوا أمتام منصتتتتتة
عميد الجامعة، البروفيسور أونامونو الذي تابع خطابه
” هذا هو معبد للعلم والتعلم وأنتم خرقتم قدسيته، ستكسبون ولكنكم لن تنتصروا،
العنف تمتلكون لأنكم (Sie werden gewinnen aber nicht siegen (ستكسبون
المجرد ولكنكم سوف لن تنتصروا لأنكم ومن أجل النصر، القناعة والإيمان ضروريين.
ومن أجل القناعة يج أن يكون لديكم ما تفتقدونه، وهو التفهم والحق في هذا
النضال. ومن واجبي القول، إنه أمر عديم الجدوى لفت أن اركم أن تفكروا باسبانيا،
ليس لدي ما أقول أكثر. “.
وقبل أن تهجم أيادي الكتائبيين، تمكن أحد الأستاتذة من ستح البروفستور أونا مونو
إلى خارج القاعة وإنقاذه. )2(
وفيما بعد، أقصتا البروفستور عن وفيفته وفرضتت عليه الإقامة الإجبارية في منزله.
وبعد أستتتابيع قليلة أصتتتي بجلطة في قلبه. وألتحق نجله بمليشتتتيات الجمهوريين
قبيل وفاة والده، الذي كان وصف المتمردين الفاشست بن ام الإرهابيين والحمقى.
تتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتت
.1 ميغويل دي أونا مونو 1864 – 1936
ولد في بلباو ودرس الفلسفة وال داب
في جامعة مدريد، وحصل على كرسا
اللغة اليونانية من جامعة سلامانكا، ثم
أصبح عميداً لهذه الجامعة. كان مفكراً
وجودياً له مؤلفات في الفلسفة كما
كت عدة روايات مشتهورة، وكاتباً
مررحياً وشاعرا.ً توفي في سلامانكا.
الكات
.2 يورد الكات الفرنرا أندريه مالرو في روايته عن الحرب الأهلية الأسبانية
جانباً من خطاب أونومونو وأصداءه إذ قال ” إن أسبانيا بغير بسكاي وبغير
كاتالونيا تصبح بلداً شبيهاً بك يا سيدي الجنرال عوراء، كعتاء، الانتصار ليس
معناه الإقنام. الكات