اسطورة سيزيف
ضرغام الدباغ
سيزيف هو أكثر الشخصيات في عالم الأساطير )الميثولوجيا( اليونانية إثارة ومدعاة للتأمل،
واستخلاص العبر والحكمة منها. ولذنب ارتكبه سيزيف )حاول خداع الآلهة( فاغضب كبير الآلهة
زيوس، عوقب بأن يحمل صخرة ثقيلة من أسفل الجبل، فإذا وصل القمة تدحرجت الصخرة إلى
الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا حتى الأبد، فأصبح رمزاً للعذاب الأبدي.
وسيزيف هو سليل عائلة حاكمة، ومارس التجارة والإبحار، ولكنه كان سيئ الخلق والسيرة، يستولي
على أموال المسافرين، ويقتل بعضهم، ثم أنه أغوى ابنة أخيه، وأفشى ما أطلع عليه من أسرار
الآلهة، ولا سيما اسرار الآلهة زيوس، فأستحق الغضب عليه وعقابه. ومثل سيزيف دور المحتال
والماكر، كما أرتكب الكثير من المعاصي، فمارس الزنا بالمحارم، والأغتصاب، كما تآمر على عرش
أخيه.
الكاتب الفرنسي الشهير ألبير كامو كتب عن عذاب سيزف كتاباً نشره عام 1942 بأسم ” أسطورة
سيزف ” )Sisyphe de Mythe Le )في النصف الأول من الستينات، ولكني لم أتذوق معاناة سيزف
إلا في السنوات اللاحقة، حين أدركت كم هو صعب المنال، أن تحقق الأفكار التي تمور في مخيلتك
الثورية، ورأى فيها كامو أن سيزف يجس د لا عقلانية وسخافة الحياة الإنسانية )كامو من كبار فلاسفة
الوجودية(، إلا أنه بصل لنتيجة أن على الإنسان أن يواصل النضال والكفاح، وأن يرتقي نحو الأعالى
مهما كانت الصعاب. ذلك هو قدر الانسان الذي لا يقبل إلا بالمستوى الممتاز للمنجز الإنساني
سيزف اليوم موجود بيننا عبر شخصيات عديدة، نراها يوميا،ً بل في كل ساعة، بل أن شعوباً بأسرها
تناضل بعناد من أجل ما تؤمن به، فتصارع القدر حتى النهاية، سيزف موجود … سيزف العراقي ،
والفلسطيني والسوري … سيزف بيننا والأسطورة تتحقق كل يوم …