“التحرر من الماضي” خطوات بسيطة لحياة أفضل
” لا يمر الفرد في نفس النهر مرتين , فأنه يتغير , كما الماء يتغير “
هيراقليطس
في أغلب الأحيان أن من يحضر الى مكتبي يكونوا ممن يعانون مخاوف معينة في حياتهم , فبعض هؤلاء المراجعين لديهم مخاوف من أن مشروعهم الجديد قد يفشل , و أخر يخشى الوقوع في المرض , أو قد يخاف شخصا اخر من عدم تمكنه الأستمرار في علاقة طويلة الأمد .
على الرغم من صعوبة معرفة جذور نشأة مخاوفنا و القلق الذي يسيطر علينا, الا أنها غالباً ما تنشأ من أحداث وقعت لنا في الماضي و التي تؤدي بنا الى أن نكون أكثر ترددا و تخوفا في حياتنا اللاحقة.
من المثير للأهتمام أنه عادة ما يكون من السهولة ملاحظة الصلة بين تجارب و خبرات الماضي و المخاوف الحالية التي يعانيها الفرد بدرجة أكثر وضوحا لدى الأطفال مقارنة بمدى وضوحها لدى البالغين , فعلى سبيل المثال في حالة طفل كان قد تعرض لهجوم كلب قبل سنوات في الماضي و كانت أصابته من الخطورة مما أستدعى تدخل الأطباء و اللجوء الى المضادات الحيوية أي أنها شكلت خبرة غير سارة خزنت في ذهن الطفل , سنجد أنه يصاب بتوتر و يرتجف كامل جسده بمجرد رؤيته لكلب و أن كان من مسافة بعيدة .
و أيضا كبالغين فأن تجارب و خبرات الماضي يمكن أن تجعلنا نعاني بنفس الطريقة بخلقها المخاوف و القلق و دفعنا الى أن نصبح أكثر خوفا من الأمراض , و من البدايات الجديدة , و أن تجعلنا نعتقد بأستمرار أن الأسوأ قادم لا محالة !
اذن كيف يمكننا التحرر من ماضٍ لا نعلم بشكل دقيق الى أين تنتهي جذوره التي تسحبنا بقوة الى الوراء؟ أنا أعلم بأن الكثير من الناس يحاولون تخليص أنفسهم من الأفكار و المخاوف السلبية من خلال أستبدالها بأخرى أيجابية , و لكن بالنسبة للغالبية العظمى يعد ذلك مجرد شروع لمعركة يومية بين كل من الأيجابي و السلبي و التي يكون من الصعب و المرهق الأستمرار فيها.
بأمكانك بدلا عن ذلك أن تتبع ستراتيجيات مختلفة , كأن تقول لنفسك حيال موقف يصيبك بالخوف و التردد ” أن هذه الأفكار تجاه هذا الموقف ليست صحيحة و لامنطقية” , أذ يعد ذلك بمثابة تحفيز ذهني يسمح لك بأفتراض أحتمالات أخرى و أختبار أمكانات متعددة للموقف , فكل ما تحتاجه هنا هو الأمل و الأيمان بأن الماضي لم يعد له السيطرة على حاضرك و مستقبلك.
بأمكانك مخاطبة نفسك بجمل تبدأ بمفردة “ربما” على سبيل المثال (ربما سأمر بما هو جيد من خلال هذا الموقف , ربما سأختبر تجربة جديدة أتعلم منها , ربما يمكنني تقبل أي شيء يحدث و أن أبقى على ما يرام … الخ) أذ تبدو هذه الجمل بسيطة و سهلة و لكن في المقابل ستشعرك بحرية أكثر عمقاً و تمنحك أحساس بالأرتياح و التحرر من مخاوف الماضي.
أيضا يعد ذلك أسلوب علاجي سهل و ناجع بالنسبة للأطفال , أذ يمكن للأهل أستعماله مع أطفالهم للتغلب على مشاعر الخوف و القلق التي ولدتها لهم تجارب مروا خلالها في الماضي ,فمثلا في حالة الطفل الذي كان قد تعرض لهجمة كلب شرسة ولدت لديه الخوف من مجرد مشاهدته لكلب و أن كان من مسافة بعيدة فأن بأمكان الأم تعليمه ترديد مثل تلك الجمل و أفهامه معنى كلمة “ربما” و التي تعد من قبيل التشكيك في مخاوفنا و كسر لقاعدة ثباتها و منع تعميمها على المواقف ذات المثيرات المشابهة للموقف الأصلي .
إذ يمكن القول “ربما لم يؤذينا هذا الكلب كسابقه , ربما سأتعرض لتجربة مشابهة و لكني سأتخاطها كسابقتها , ربما سأمر بالقرب منه و أكون على ما يرام .. الخ) .
ستتفاجأ أذا ما سمحت لنفسك بالأيمان بقوة ال “ربما” أذ ستشعر بحرية أعمق , لأنك ستعرف عندها بأن اللحظة التالية ستجلب لك تجربة جديدة , و بهذه الطريقة لن يكون للماضي سلطة عليك .
مفردة “ربما” بمثابة الجسر الذي يساعدنا على ترك تجاربنا الماضية وراءنا و العبور الى مكان جديد حيث يمكننا الأيمان بأن كل شيء على ما يرام .
المصدر :
Allison Carmen
https://www.psychologytoday.com/blog/the-gift-maybe/201603/finding-freedom-the-past