رسالة مفتوحة إلى الراحل “آرا خاجادور”
رحل القائد العمّالي الشيوعي آرا خاجادور واسكنيان عن 93 عاماً في العاصمة التشيكية براغ (4 كانون الأول / ديسمبر/2017)، وكان قد انضم إلى الحزب الشيوعي وأصبح عضواً فيه خلال الحرب العالمية الثانية، وفي قيادة الفرع الأرمني للحزب العام 1943. حُكِم عليه العام 1949 بالسجن المؤبّد بتهمة الشيوعية، وأُسقطت عنه الجنسية خلال وبُعيد إبرام حلف بغداد الاستعماري، لكنه أصرّ أن وطنه هو نقرة السلمان وهويّـته عراقية وهواه أممي.
أُطلق سراحه بعد ثورة 14 تموز (يوليو) العام 1958 بعد أن قضى عشر سنوات في السجن، وانتُخِب أميناً عاماً للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، ومثّله في اتحاد النقابات العالمي في براغ. وانضمّ إلى اللجنة المركزية وأصبح في الثمانينات عضواً في المكتب السياسي ومسؤولاً عن قوات الأنصار الشيوعية، لكنه اختلف مع قيادة الحزب التي فصلته عملياً تحت عنوان “وضع نفسه خارج الحزب”، والسبب في ذلك هو موقفها المائع من الحصار الدولي المفروض على العراق وبشكل خاص في موقفها من الاحتلال الأمريكي للعراق ومشاركتها في مجلس الحكم الانتقالي والعملية السياسية التي ناهضها بشدّة وحاول أن يصدر عدداً من البيانات ويكتب عدداً من المقالات والآراء لإيضاح وجهة نظره، لاسيّما للدفاع عن هويّة الشيوعيين الوطنية والدعوة إلى عدم التفريط بها تحت أية حجة أو ذريعة، وقد أصدر كتاباً بعنوان “نبض السنين ” احتوى على أطروحاته المناهضة للاحتلال.
عاش في براغ في السنوات الأخيرة من حياته في ظروف قاسية وعانى من الجحود والإهمال والتنكّر، لكنه بفضل صداقاته وحب ومساعدة العديد من رفاقه سواءً اختلفوا أو اتفقوا معه في الرأي، تمكّن من الاستمرار ولو بالحدود الدنيا من مستلزمات العيش وضنكه. وأتذكّر أنني في كل زيارة له كان يستقبلني ويودّعني بعبارة مولوتوف وزير الخارجية السوفييتي (1939-1957) ” النصر لنا” بخفّة دمه ودماثة خلقه .
وكنت خلال ربع القرن الماضي قد دخلت معه في حوارات وسجالات متّصلة ومتقطّعة، نشرت بعضها تحت عنوان “هامش على هوامش آرا خاجادور – في شؤون وشجون الحركة الشيوعية!” بتاريخ 26/9/2007.
كما نشرتُ مادة أخرى في صحيفة الزمان العراقية عن كتابه الموسوم ” نبض السنين” بعنوان “آرا خاجادور: الشيوعية المعتّقة”، على ثلاث حلقات بتاريخ 24 و25 و26 شباط/فبراير 2015 وأعيد نشرها على خمس حلقات في موقع الحوار المتمدّن بتاريخ 21 و23 و24 و25 و26 شباط/فبراير 2015. ونشرت ثلاث حلقات أخرى في صحيفة الزمان العراقية أيضاً بعنوان: آرا خاجادور وزيارة التاريخ بتاريخ 28 و29 و30/1/2016 وهي سردية حوارية معه.
الأسئلة التي أنشرها اليوم هي رسالة خاصة مرسلة إلى آرا خاجادور، لكنّها أصبحت مفتوحة بعد رحيله وقد وددت أن أشرك القرّاء معي في إطلاعهم على محتواها، علماً بأنني نشرت من وحيها أجوبة مستلّة من حوارات معه في مقالة بجريدة الزمان أيضاً، العدد 5651 – الخميس 9 شباط (فبراير) 2017 وكانت بعنوان: وطني نقرة السّلمان وهويّتي عراقيّة والهوى أممي.
نص الرسالة المفتوحة:
رسالة وحوار مع آرا خاجادور
عزيزي أبو طارق أو أبو اسكندر كما يحلو لك
تحياتي الحارة وتمنياتي الصادقة، لك بالصحة وراحة البال والمزاج الطيب. لقد كانت لقاءاتنا الأخيرة في براغ (قبل أيام من حلول العام الجديد وبعد رأس السنة /2016) في غاية الأهمية، ليس فقط للتواصل الإنساني، بل أيضاً لمواصلة الحوار وتقليب بعض صفحات التاريخ والوقوف عند بعض المحطات التاريخية، كما حصل خلال زيارتي لكم للاستشفاء في الصيف الماضي مع ابنتي سنا (آب/ أغسطس 2015)، ومثلما كنت أفعل في كل مرّة أدوّن بعض ما يدور بيننا من حوارات وأعدّ بعضها للنشر أو للاحتفاظ به في أرشيفي، حتى تسنح الفرصة لذلك.
وفي لقائنا قبل الأخير الذي نشرت عنه في صحيفة الزمان (ثلاث حلقات) والموسوم “آرا خاجادور وزيارة التاريخ”، كانت هناك إطلالة اكتشفت أهميتها من خلال الاتصالات والقراءات والإضاءات الأخرى، والأهم ما فيها أنها لم تقتصر على النخبة الرفاقية، بل إن القارئ العراقي بشكل خاص، والقارئ العربي بشكل عام اطّلع على جزء حيوي من تاريخنا، خصوصاً باستعادته من خلال رؤية انتقادية وهو ما لمسته عبر رفاق لبنانيين وسوريين وأردنيين وفلسطينيين ومغاربيين وخليجيين.
ولذلك فإن شعوري بالواجب يصبح أكثر وبالمسؤولية يكون أكبر. ولعلّ ما يزيد من ثقلهما هو ما أبديته من استحسان وتحبيذ لما نُشر، وكانت إشادتك بوجود صديقنا العزيز حميد برتو حيث كوّنتما وجهتي نظر مشتركة خلال ربع القرن الماضي، وكنّا خلال الفترة المنصرمة في حوار متواصل حتى وإن كان متباعداً أحياناً. وقد واصلنا حوارنا الأخير بحضور الصّديق عصام الزند، ومرّة أخرى مع الصّديق موفق فتوحي واتفقنا على استكماله، وقد وعدتكم بأنه بعد عودتي إلى بيروت بنحو ثلاث أسابيع سأقوم بإرسال باقة أسئلة لكم، على أن يتم إعداد الأجوبة لها وأقوم بتحريرها تهيئة لطبعها.
ربما تأخّرت قليلاً، فقد كان في برنامجي زيارة العراق، حيث توجّهت في البداية إلى النّجف للقاء بعض المثقفين والأدباء فيها حسب اتفاق خاص، ثم الذهاب إلى الحلة لإشهار كتابي “أغصان الكرمة – المسيحيون العرب” الذي نظّم مركز حمورابي احتفالية به، وبعدها ألقيت محاضرة في نادي الصيد في بغداد بدعوة من مركز دجلة للتخطيط الاستراتيجي، ثم عدتُ إلى بيروت، وفي هذه المحطات وفي غيرها كان اسم آرا خاجادور يتردّد في اللقاءات وكانت الرغبة في سماع المزيد من أخباره، أقرب إلى الشّغف بالمعرفة والنّهم في النّهل منها، لاسيّما وهي تتحدّث عن تاريخ مُعاش وعن دفاتر غير مكتوبة، وهي التي أضاءت عليها الحوارات المنشورة في الزمان وفي العديد من المواقع الاليكترونية، إضافة إلى كتابكم “نبض السنين”.
أكتبُ ذلك وها آنذا أفي بوعدي الذي قطعته لك بحضور موفق فتوحي بإرسال باقة أسئلة وفتح باب الحوار ونوافذه كي يتسلّل من خلالهما نور الحقيقة، كما تراها أنت. وبإمكانك الإجابة على ما تراه من الأسئلة حسب أهميتها وتقديرها لك أو إهمال بعضها أو تركه أو تأجيله، خصوصاً وأنّني وضعت بعض هذه الأسئلة كفرشة واسعة، على أن أقوم بتبويبها وتنسيقها بعد الإجابات، بما فيها ضم بعضها إلى بعض أو تنظيمها لكي تأتي متناسقة ومنسجمة.
ع. شعبان
20/2/2016
الأسئلة والحوار
1- هل هناك ما يريد آرا خاجادور أن يقوله ولم يقله حتى الآن؟ وهل لك أن تفصح عمّا ترغب في الكلام عنه ولم يكن ممكناً سابقاً؟
2- هل نستطيع العودة إلى المجتمع الأرمني في الأربعينات حتى توجهت إلى الشيوعية؟ أية خصائص ميّزته، وبماذا كان الحزب الشيوعي يتميّز؟ كيف تصف ذلك؟ وبم اختلف حزب ما قبل السجن عن حزب ما بعده؟
3- ما هو دور وتأثير الحرب العالمية الثانية على تكوين وعيك الأممي؟ هل هي انتصارات الجيش الأحمر أم هاجس العدالة وتجربة أول حكومة عمالية في العالم؟
4- التقيت الرفيق فهد مرتين: هل يمكن أن تطلعنا على أهمية ذلك في حياتك اللاحقة؟
5- بماذا يمتاز فهد عن غيره من القيادات الشيوعية العراقية؟ وأية موصفات شخصية وقيادية لديه، وبمَ يختلف عن سلام عادل الذي عاصرته من العام 1958 ولغاية العام 1963 وأية مواصفات شخصية وقيادية امتلكها؟ وهل تكوّنت رمزيتهما من خلال استشهادهما؟
6- هل يمكن الحديث عن مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وانتعاش الحركة الشيوعية؟ وبِمَ تفسّر الانشقاقات التي رافقتها: أهو قصور ذاتي لدى النخب الشيوعية أم نقص في توجه بعض القيادات وتزمّتها أم ظروف العمل السري؟
7- قلت في حديث سابق معي وبعد إصدار كتابي “سعد صالح – الوسطية والفرصة الضائعة”: إن الحزب الشيوعي وفهد عَتَبا على سعد صالح لعدم إجازة حزب التحرّر الوطني الواجهة للحزب الشيوعي بعد إجازة خمسة أحزاب علنية، لكنه تفهّم موقفه لاحقاً بعد أن أرسل له ممثلاً عن الحزب (حسين الشبيبي): هل يمكن توضيح ذلك للقارئ؟
8- حين أطلق سعد صالح دعوة لقيام جبهة وطنية أرسل الحزب له هادي هاشم الأعظمي للاستطلاع منه عن رغبته واستعداده لهذه المبادرة؟ ما هي معلوماتك وهل يمكن إضاءة ذلك؟
9- كيف استقبل الحزب وفهد بالتحديد موقف الاتحاد السوفييتي بالموافقة على قرار التقسيم لعام 1947 بعد أن كان يرفض القرار؟ وكيف تمكّن من الاستدارة بموقفه من الرفض إلى التأييد؟ ألم يؤثر هذا الموقف على شعبية الحزب لاحقاً؟ وهل كان التبرير مقنعاً؟ ما هو دور كرّاس “أضواء على القضية الفلسطينية” في تغيير مسار الحزب وهل كان هناك تأثيرات خارجية أخرى غير سوفيتيية؟ (المقصود فرنسية).
10- اختلف موقفنا من القضية الفلسطينية من العام 1948 ولغاية العام 1956 عن توجهاتنا الأولى، حتى اتخذ الكونفرنس الثاني للحزب العام 1956 مواقف جديدة أكثر اقتراباً من نبض الشارع العربي، كيف تقيّم ذلك الآن؟ وهل كان ذلك بتأثير من سلام عادل وعامر عبدالله، ولماذا تراجع موقفنا بعد الثورة؟
11- بقراءة سريعة هل يمكن تقييم انشقاق راية الشغيلة – القاعدة ومع من وقفت ولماذا؟ وهل يمكن مراجعة التجربة؟
12- كيف تلقيت وأنت في السجن خبر تأميم قناة السويس من جانب جمال عبد الناصر، ثم العدوان الثلاثي على مصر الانكلو – فرنسي الإسرائيلي العام 1956؟
13- هل كانت مبرّرات قيام ثورة 14 تموز 1958 ناضجة؟ أم كان يمكن ترك خط التطور التدريجي يأخذ مداه؟ كيف تقيّم من يقول أن 14 تموز كان انقلاباً عسكرياً وقاد إلى حكم فردي؟
14- هل كانت سياسة: “كفاح – تضامن – كفاح” في زمن قاسم صحيحة؟ وهل كان يمكن استلام السلطة؟ ولماذا لم يفعل الحزب ذلك؟ هل امتثل لرأي السوفييت بعدم المغامرة والتحذير من الاندفاعات كما قيل، وكما جاء في بعض الكتب السوفييتية من قولها: حذرنا سلام عادل؟ أم أن قصوره الذاتي وعدم وحدة الرأي لدى قيادته كان وراء ذلك؟
15- كيف تقيّم حالة الغرور التي صاحبت توجهاتنا بعد الثورة؟ ألم يكن بالإمكان إحياء جبهة الاتحاد الوطني والتفاهم مع القوى الأخرى، أم ترى أنها هي التي تتحمّل المسؤولية الأساسية في انفراط الجبهة؟
16- أنت قائد نقابي وعملت في قيادة أكبر النقابات وأهمها (عمال النفط) وأصبحت أميناً عاماً في اتحاد نقابات العمال، أين أصبح هؤلاء العمال؟ وهل بقي للحزب وجود لدى الطبقة العاملة؟
17- هل كانت خطة طوارئ لمواجهة احتمالات انقلاب عسكري؟ وأين كان الخط العسكري؟ ومن دعا إلى حل التنظيمات العسكرية التابعة للحزب الشيوعي لكسب ود عبد الكريم قاسم؟ أليس في ذلك تمهيداً لإنجاح انقلاب 8 شباط العام 1963 أم ماذا؟
18- أين أخطأ قاسم بحق الحزب الشيوعي؟ وأين أخطأ الحزب الشيوعي بحق قاسم؟
19- لماذا بعد ما حصل أخذنا نبكي على الزعيم ونصفُ عصره بالذهبي، في حين نحن نلوم أنفسنا في عدم أخذ السلطة منه وإزاحته عن المسؤولية؟ أليس في ذلك ازدواجية وبكاء على الأطلال؟
20- هل كانت مقاومة الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963 ضرورية؟ ألم تفرّط بقوى الحزب؟ ويبرّر البعثيون بيان رقم 13 القاضي بإبادة الشيوعيين بالمقاومة والبيانات الصّادرة لمواجهة الانقلاب؟ كيف تقيّم ذلك الآن؟
21- هل كانت الاستعدادات للمقاومة كافية؟ أليست تلك مغامرة؟ أم أنها عمل ثوري ورد فعل طبيعي لا بدّ منه؟ ألم يكن بالإمكان تقليل الخسائر وتجميعها لحين اللّحظة الثورية المناسبة؟
22- هل كان بالإمكان تأجيل حركة 3 تموز العام 1963 المعروفة باسم “حركة حسن سريع” أو “انتفاضة معسكر الرشيد” أم أن ذلك ضرب من التخمين وقراءة متأخّرة للأحداث؟
23- ماذا عن خط آب 1964 ومن هم أشد المتحمّسين له وهل صحيح أن الدعوة للانضمام إلى الاتحاد الاشتراكي كانت بمبادرة من السوفييت؟
24- لماذا تم تنحية عبد السلام الناصري (أنور مصطفى ) من المسؤولية الأولى في الحزب الشيوعي العراقي؟ هل لأن السوفييت لم يرغبوا به أم لأسباب داخلية؟
25- كيف تم اختيار عزيز محمد أميناً عاماً؟ ما هي خلفيات ذلك وهل كان السوفييت وراء ذلك؟
26- كيف تقيّم قيادة عزيز محمد خلال الـ 29 عاماً؟ وهل ترك القيادة رغبة منه أم أنه مرغم؟ وكنت قد قلت إن هناك محاولة للإطاحة به، بدأت في الشام: هل كان السوريون على علم بها؟ وهل يمكن توضيح ذلك؟
27- كيف تنظر إلى الحزب بعد احتجاجات القاعدة الحزبية على خط آب العام 1964 وماذا عن اجتماع الـ 25 كادراً قيادياً (العام 1965)؟
28- هل كانت خطة العمل الحاسم رد فعل لخط آب؟ أم كانت بناءً على دراسة ميدانية ؟ وهل كان بإمكان الحزب استلام السلطة فعلاً أم إن المسألة للاستهلاك الداخلي، وخصوصاً بعد انشقاق القيادة المركزية؟
29- من كان مع “خطة العمل الحاسم” التي توليت فيها مسؤولية أساسية؟
30- هل يمكن وصف حياة السجن حيث قضيت 10 سنوات بالكمال والتمام، بما لها وما عليها، ونقاط القوة فيها ونقاط الضعف؟
31- قضيت نحو 6 سنوات في حياة الأنصار في الجبال الوعرة: هل يمكن ذكر نقاط القوّة ونقاط الضعف فيها؟ هل كانت ضرورية أم أنها مفروضة ولم يكن لها من مبرّر؟
32- ماذا عن تظاهرة 1 أيار العام 1959 ورفع شعار “الحزب الشيوعي بالحكم”: هل هناك تيار قيادي دعا إليها أم أن القيادة سارت خلف الجماهير بدلاً من قيادتها؟
وبكل الأحوال من المسؤول؟ وهل كانت المعالجة بمستوى المسؤولية؟ ألم يدفع الحزب الثمن باهظاً بسببها، خصوصاً باستنفار القوى الإمبريالية والقوى الرجعية والقومية وبالأخص استفزاز قاسم حليفنا؟
33- ماذا عن مراكز القوى بعد ثورة 14 تموز (يوليو) 1958 داخل الحزب الشيوعي؟ هل صحيح أن الصراع بين يمين ويسار؟ ومن هم اليمين ومن هم اليسار بمصطلحات تلك الأيام؟
34- يقول باقر إبراهيم: إن سلام عادل عاد من الدراسة في موسكو عن طريق البصرة سرّاً وبمساعدة سوفييتية، وأنه ومحمد صالح العبلي ذهبا لاستقباله حيث وصل على ظهر باخرة سوفييتية؟ ألم يكن انكشاف مسألة من هذا النوع تضع علامات استفهام على علاقاتنا الأممية وأن القوى الأخرى ستستغلها، خصوصاً وهي تتهمنا بأننا “عملاء موسكو”؟
35- راجت إشاعات كثيرة حول استشهاد الرفيق سلام عادل، ولعلّها أكثر انتشاراً قيام محسن الشيخ راضي بالإشراف على تعذيبه عند اعتقاله، هل لديك معلومات وما هي أقرب الروايات إلى الواقع وكيف يمكن فحص دقتها؟ وكنت قد سألت الشيخ راضي عند زيارته لي في فندق فلسطين “الميرديان” (بغداد)، فقدّم رواية أخرى سأحاول نشرها؟ ماذا تقول؟ (وللعلم فرواية الشيخ راضي مختلفة تماماً عن رواية آرا خاجادور التي كنت قد دققتها مع آخرين لم يكونوا يميلون إلى روايته وقام أحدهم بالكتابة إليه).
36- هل في نيّتك كشف المستور أو المسكوت عنه وأنت مسؤول عن أمن الحزب؟ وإلى متى ستقبض على الأسرار؟ مثلاً الاختراقات الأمنية، الاندساس، التواطؤات المباشرة وغير المباشرة، أموال الحزب وكيف تم التلاعب بها ومسؤولية من ولماذا تم السكوت عن ذلك؟ ومن هو المسؤول الأساسي عن سياسة التفريط؟
37- كيف تقيّم العلاقة بالسوفييت، سياسياً، حزبياً، من خلال العلاقة مع KGB؟ هل علاقة الأخير هي الطاغية؟ ماذا تقول؟
38- يقول كريم مروّة إن “بوناماريوف وسوسلوف” كانا وراء اتهام جورج حاوي الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني بالعمل لصالح المخابرات المركزية الأمريكية، وبالطبع كان الأمر بدعم من خالد بكداش، والسبب كما يراه هو معاقبة الحزب الشيوعي اللبناني على خط التجديد الذي اتخذه المؤتمر الثالث العام 1969 (الذي مثّل إرهاصاً أولياً للخروج على الوصفة السوفييتية)، ثم اتضح عدم صحة تلك الادّعاءات، بل كَذِبَها، لدرجة أنهم أسقطوها بكل هدوء واستقبلوا حاوي مع نيقولا شاوي مبدين حفاوة مبالغة، ألا يعني ذلك تدخلاً بالشؤون الداخلية لحزب شقيق والتحكّم بقياداته وسياساته، خصوصاً وأن الغالبية العظمى تمتثل لذلك، وهو الأمر الذي ساد في العلاقة مع الأحزاب في الدول الاشتراكية ومع أحزاب أخرى… كيف تقيّم ذلك؟
39- ماذا قدّم جهاز أمن الحزب؟ ألم يستخدم في الكثير من الأوقات في دائرة الصراع الحزبي، بل أحياناً جهاز تجسّس على الشيوعيين.. كيف يمكن قراءة ذلك الآن؟
40- من المسؤول من طرفنا عن أحداث الموصل (حركة الشواف 1959) وماذا عن الرسالة التي أبرزها حمزة سلمان الجبوري عضو اللجنة المركزية (ل.م.) المرسل إلى الموصل من طرف المكتب السياسي والتعليمات التي حملها معه، عند محاسبته؟
41- هل يمكن الحديث عن محكمة الدملماجة: ما هي حدود المسؤولية؟ وكيف تصرّفنا إزاء ذلك؟ أي لماذا لم ندِن قتل 17 متهماً دون الرجوع إلى القضاء وبعد انتهاء المواجهات المباشرة؟ لماذا نبرّر حتى الآن مثل تلك الأعمال؟
42- القوى الخارجية والإمبريالية والقوى القومية بدأت تحيك المؤامرات ضد حكم ثورة 14 تموز 1958، ألم يكن لنا دور في ذلك لاحتكارنا العمل السياسي والقمع الفكري الذي مارسناه ضد الآخرين، علماً بأننا لسنا في السلطة؟
43- هل يمكن مراجعة ما حصل في الموصل برؤية انتقادية موضوعية، خصوصاً التحريض بعدها على إعدام ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سرّي (وهما من قيادات الثورة) ولم يكونا مشتركين في حركة التمرّد الشوافية؟
44- كيف يمكن تقييم دورنا في ما حصل في كركوك في 14 تموز العام 1959؟ وإذا كانت شركات النفط هي المسؤولة ، فما هو دورنا؟ وهل ما قمنا به كان صحيحاً؟ ولماذا لم تذكر الحقائق وحتى الرفيق عزيز محمد مسؤول الإقليم حينها والموجود في كركوك وقت حدوث المذبحة ضد التركمان ، تحدّث على نحو غامض عن أيادي خفية لا يعرف أحد شيئاً عنها وكأن هناك من جاء من كوكب آخر ليبدأ بإطلاق الرصاص وينهال بالرمي على التركمان في مجزرة ذهب ضحيتها العشرات، وهو ما دفع قاسم لاتهامنا بالفوضوية؟
45- ألم يحن الوقت للاعتذار من أهل الموصل ومن التركمان على ما حصل؟ أترى في ذلك ضعفاً من جانبنا أم قوة لنا في مراجعة التجربة ونقد أنفسنا؟
46- ظلّت قيادات الحزب على تاريخه المجيد تتأرجح بين اندفاعات يسارية وبين ارتدادات يمينية، وكانت التهم تكال الواحد ضد الآخر، وأحياناً هناك من ينتقل بين هذه وتلك؟ أتجد في ذلك ضعفاً في فهم التعاليم الماركسية وقصوراً في التأهيل النظري والمستوى العلمي أم أنانية ورغبة في التسيّد؟ ثم ألم يحن الوقت لقول ذلك؟
47- لماذا كنت ضد خط آب (أغسطس) 1964 وهل كان الحزب قادراً على اتخاذ سياسة آخرى في ظروف الانكسار والهزيمة؟ أم لديك تبرير آخر؟
48- كانت حيرة القواعد الحزبية كبيرة، فقد أسمينا حركة 17 تموز (يوليو) 1968 “بالانقلاب العسكري”، وبعدها أطلقنا عليه “التغيير الثوري”، ثم بدأنا بعد إبرام الجبهة الوطنية في العام 1973 نقول إنها ثورة، وثورة عظيمة، ومن أهم ثورات العالم الثالث، معتبرين صدام كاسترو العراق، ألا يدلّ ذلك على سذاجة وسطحية وانتهازية ووصولية في اتخاذ المواقف؟
49- من كان مندفعاً في تزويق الجبهة الوطنية ومن أصبح متطرفاً في وقت لاحق ضدها وضد حزب البعث؟ ألا يدل ذلك عن صبيانية يسارية وانتهازية سياسية وحزبية؟
50- من كان وراء حملة “عسكرة الحزب” بعد انتهاء الجبهة الوطنية،أي حملة التجنيد الاجباري بالذهاب إلى كردستان؟
51- كيف انتقلنا من تقييم حزب البعث من حزب تقدمي واتخذ اجراءات تقدمية على صعيد السياسة والاقتصاد وقوانين العمل والضمان جعلت نظامه في طليعة العالم الثالث إلى حزب فاشي ونظامه دكتاتورياً فاشياً؟ أليس في الأمر ثمّة خفّة وقصور نظر في الحالين؟
52- لماذا حملنا السلاح في العام 1974 ضد الحركة الكردية (الجيب العميل كما كان النظام يسميها) وهي حركة حليفة على الرغم من تباين المواقف وتعارضها أحياناً؟ أليس في ذلك ممالئة للنظام وخطأً ستراتيجياً؟
53- هل ترى نقاط ضعفنا القاتلة تتمركز في موضوع الاقتراب أو الابتعاد عن السلطة؟ أي في مسألة استقلاليتنا وكيف تقيّم موقفنا من ذلك:
1. أيام حكم قاسم
2. خلال حكم الأخوين عارف وتجربة الاتحاد الاشتراكي
3. خلال حكم البعث بعد 17 تموز
4. المشاركة بوزيرين في العام 1972
5. الموقف من الحرب العراقية – الإيرانية
6. المشاركة في حكومتين (أحدهما في السليمانية والثانية في إربيل)
7. التحالف مع الحركة الإسلامية بعد الاحتلال في إطار مجلس الحكم الانتقالي، الامتداد للمؤتمر الوطني العراقي.
8. الموقف المائع من الحصار الدولي
54- لماذا اندفعت قيادة الحزب ضد الحركة الإسلامية في العام 1977؟ أفي ذلك ثمن التحالف مع النظام، وماذا بقي من استقلاليتنا حينها؟
55- ثم كيف نسير يداً بيد مع النظام لبناء الاشتراكية وهو من باشر إلى قص أجنحتنا بإجبارنا على حلّ منظماتنا الديمقراطية والجماهيرية : الطلبة والشبيبة والمرأة وغيرها. ومن كان مندفعاً بهذا الاتجاه ومن تحفظ عليه أو عارضه؟
56- لماذا سكت الحزب عما سمّي محكمة الثورة 1973- 1978 والمحاكم الخاصة في فترة الجبهة؟ ألسنا شركاء بالمسؤولية؟
57- هل كان موقفنا من الحرب العراقية – الإيرانية صحيحاً خارج نطاق تحالفاتنا الجديدة المباشرة وغير المباشرة: الحركة الكردية ، إيران وسوريا؟ أليس في ذلك إضعافاً لموقفنا وانفضاضاً من الناس عنّا؟
58- رفعنا شعارات: إسقاط النظام الدكتاتوري وإنهاء الحرب، ماذا كان صدى هذا الشعار في الداخل الذي نتغنّى به؟
59- ماذا كان صدى شعار: إسقاط الدكتاتورية وإنهاء الحصار، أليست مثل هذه الشعارات برّانية وليست جوّانية؟ ولو كانت قيادة الحزب في الداخل في بغداد والمحافظات هل ستتخذ مثل هذه الشعارات؟
60- ألم يكن ضياعاً للوقت والجهد مناقشات طويلة وإقصائية حول : أيهما أجدر: إسقاط الدكتاتورية أم إنهائها؟ وإسقاط النظام أولاً أو وقف الحرب، وإنهاء الحصار أولاً أم تقديم إسقاط النظام، وأين الحلقة المركزية من سياساتنا؟ وما هي العلاقة بين الوطني والاجتماعي؟
61- ألا تشعر إن قيادة الحزب بعد العام 1963 ضعيفة وبعض عناصرها خامل، بل هزيل، وقبله كانت منقسمة، وبعضها بعيد عن نبض الشارع، بسبب السجون والمنافي؟
62- كنت أحد أركان التحضير للمؤتمر الرابع العام 1985 مع عزيز محمد وفخري كريم، هل أنت نادم على نتائجه رغم أنك أصبحت عضواً في المكتب السياسي أم أنه تم استغفالك؟ أم ماذا؟
63- لماذا تأخرت في إعلان تخلّيك عن جماعة المؤتمر الرابع؟
64- هل كنت تعوّل مرّة أخرى على عودة التحالف مع البعث العام 1989 بعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية، وهو ما ذكرته عن البيان المحبوس؟ أليس في ذلك رهان جديد على ذات الحصان أم ثمة ظرف موضوعي؟
65- هل كان بالإمكان تشكيل كيانية أخرى تضم جماعة باقر إبراهيم – عامر عبدالله، وجماعة المنبر، خصوصاً وأن المواقف بينكم أصبحت متقاربة؟ لماذا لم يحصل ذلك؟
66- هل كنت مع رهان إرسال مجاميع شيوعية إلى الداخل؟ خصوصاً وأن غالبيتها الساحقة كانت يلقى القبض عليها وإذا كنت ضدّ ذلك لماذا لم تعلن رأيك؟
67- ماذا عن تعذيب بعض الشيوعيين واستشهاد بعضهم في كردستان في بعض مقرّات الأنصار؟ كنت مسؤولاً فماذا تقول؟
68- ماذا تقول عن الجماعة التي تسلّلت إلى الداخل وضمّت عمر علي الشيخ وزوجته بخشان محمد وعادل حبه وسليم إسماعيل وسيد هادي (أبو عادل السياسي) وحسّان عاكف حمودي.. ما الذي حصل وكيف تم اكتشاف المجموعة ولماذا لم تعتقل؟
69- لماذا لم تتم محاسبات جدّية بعد أحداث بشتاشان ومن هو المسؤول عن مقتل أكثر من 80 رفيقاً، من جانب الاتحاد الوطني الكردستاني (أوك)، وما هو دور القرارات الخاطئة التي اتخذناها، وخصوصاً في بشتاشان الثانية؟
70- ماذا تعرف عن تعذيب الرفيق أحمد الناصري (أمين) واستشهاد الرفيق منتصر واضطرار سامي حركات إلى ترك القاعدة الأنصارية والتوجّه إلى بغداد والاستشهاد هناك. هل يمكن أن تفيد القارئ؟
71- هل أغلق ملف بشتاشان ومتى؟ وبقرار من مَنْ؟ وماذا تقول لعوائل الضحايا؟
72- نبرتك إزاء القيادة تغيّرت بعد الاحتلال العام 2003 على الرغم من الاتهامات التي حاولت توجيهها لك، على نحو معلن أو مستتر، هل الأمر يتعلّق بالهويّة الوطنية للحزب والموقف من الاحتلال والاتفاقية العراقية – الأمريكية أم لشعورك بأن التغيير والإصلاح الداخلي بات في خبر كان؟
ملاحظة: هذه هي الوجبة الأولى من الأسئلة وستصلك أسئلة لاحقة في ضوء إجاباتك ويمكن إرسال ما سيتوفر من إجابات أولاً بأول ، لكي يتم تحضيرها لإعادة القراءة والصياغة.