حرب المنافذ تقلق محافظة “ميسان” العراقية و بغداد تطلق ثالث عمليّة لفرض الأمن
ارتفع عدد المعتقلين، ضمن حملة تنفذها قوات النخبة في محافظة ميسان منذ 3 أيام، الى نحو 40 مطلوباً , وتم خلال عمليات الدهم والتفتيش ضبط أسلحة وآليات عسكرية.
وتبحث القوات، التي جاءت من عدة محافظات مجاورة في ثالث حملة خلال العام الحالي، عن مجموعة مطلوبين ينتمون الى عشيرة واحدة، يتحكمون بالمنفذ الحدودي مع إيران ومتورطين بعمليات تهريب النفط.
وتدرّ تلك التجارة مليارات الدنانير على العشيرة، التي اختلفت مؤخرا في ما بينها , وأدى الصراع على امتيازات المنفذ الى اندلاع حرب بين العائليتن، تطور احيانا الى استخدام الاسلحة الثقيلة وقطع شوارع رئيسة لعدة ايام , ويؤدي ذلك الصراع في الغالب الى توقف المنفذ بين حين وآخر كإجراء تلجأ إليه السلطات المحلية لمنع المواجهات، لكن ذلك أدى الى تراجع إيرادات الممر الحدودي بشكل كبير.
من جهتها، قامت الحكومة الاتحادية بإرسال ممثل عنها الى محافظة ميسان , واجتمع الموفد الحكومي مع المحافظ وقائد الشرطة ومسؤولين آخرين , ومن المفترض ان يصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي، قراراً نهائياً بشأن أوضاع المحافظة خلال ثلاثة ايام، بعد أن يستمع الى تقرير موفده.
وتطالب جهات في ميسان بإقالة قائد الشرطة والمحافظ على حد سواء، لفشلهما في وضع حد للنزاعات العشائرية، وتزايد عميات القتل والاختطاف وتنامي تجارة المخدرات.
ملاحقة المطلوبين
ووصلت الى ميسان يوم الاحد الماضي، 4 أفواج عسكرية للمشاركة في عملية امنية لملاحقة الخارجين على القانون، وتجار الاسلحة والمخدرات، ونزع الاسلحة الثقيلة، بحسب قيادة عمليات الرافدين.
وأكد مصدر مسؤول في ميسان،”اعتقال أكثر من 35 متهماً، اغلبهم في المشرّح والكحلاء شرقي نيسان، بعد 3 أيام من انطلاق العملية الامنية، حيث تمّ اعتقالهم في اليوم الاول”.
واشار المصدر، الذي طالب بعدم ذكر اسمه، الى ان”الاعتقالات كانت عشوائية، وبعد التحقيق ربما سيتبقى 20 معتقلاً فقط”. وكشف ان”من بين المعتقلين تجار مخدرات وحاملين لاسلحة غير مرخصة”. واضاف”تمت السيطرة خلال العملية على عدد من العجلات التي تحمل اسلحة متوسطة”.
واعلنت قيادة عمليات الرافدين، الإثنين الماضي، انطلاق العملية بمشاركة طيران الجيش، ومهمات ذي قار وفوج طوارئ المثنى وفوج النخبة من محافظة واسط وفوج طوارئ ميسان الاول إضافة الى قوة عسكرية خاصة من قيادة العمليات وقوة من مديرية أمن واستخبارات الرافدين , وتلاحق القوات، بحسب المصدر المسؤول، أفراداً من إحدى العشائر يسيطرون على (منفذ الشيب)، وهو الممر الحدودي الوحيد بين ميسان وإيران.
ويؤكد المصدر القريب من العمليات، وجود”مداهمات على منازل تلك العشيرة في منطقة العمود التابعة لناحية المشرح، حيث دفعت الصراعات بينهم الى عمليات خطف وقتل متبادلة”. وقال ان”المتهمين بدأوا بالهروب منذ تنفيذ الحملة العسكرية”.
حرب منفذ الشيب
وكانت اشتباكات مسلحة قد نشبت بين عائلتين من ذات العشيرة، استخدمت فيها اسلحة ثقيلة استمرت لعدة ايام، على خلفية صراع للسيطرة على منفذ الشيب , ويتابع المصدر”لايقل دخل أفراد العشيرة عن 90 ألف دولار يوميا بسبب اعمال السيطرة على المنفذ، وعلى محطات النفط في المحافظة”.
وكان مجلس ميسان قد قرر، مطلع العام الحالي، إغلاق منفذ الشيب لمدة 10 ايام، قبل ان يقرر اعادة افتتاحه بعد رفض الحكومة الاتحادية هذا الإجراء , ويقول عضو مجلس محافظة ميسان حسن علي مزعل، ان”الحكومة تريد إبقاء المنفذ مفتوحا، لكنها لاتستطيع الوقوف ضد النزاعات التي تنشب بسببه”.
واضاف مزعل ان”إيرادات المنفذ تصل الى 4 مليارات دينار شهريا اذا عمل باقصى طاقته”، مشيرا الى ان”إيرادات منفذ سفوان ارتفعت الى 17 مليار دينار و200 مليون شهريا، بعدما أزالت الحكومة سطوة العصابات”.
واستمع طورهان المفتي موفد رئيس الوزراء، الذي وصل الى ميسان يوم الثلاثاء، الى تفاصيل الاحداث هناك، وكيف تسيطر العشيرة على المنفذ الحدودي ونقل النفط , وأكد المصدر المسؤول في ميسان ان”المفتي اجتمع مع اعضاء مجلس المحافظة وقائد الشرطة والمحافظة”، مبينا ان”المحافظ طالب بإقالة قائد الشرطة”.
ويقول المصدر المحلي ان”المفتي سيعرض تقرير ما جرى في ميسان على رئيس الورزاء، الذي سيقرر بدوره خلال 72 ساعة مصير الاوضاع في المحافظة وقائد الشرطة” , بدوره اعتذر المفتي عن الإدلاء بأية تفاصيل عن نتائج زيارته الى ميسان , واكتفى بالقول،”كنت في مهمة محددة من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي الى ميسان ثم عدت منها”.
الحملة الثالثة
من جهته شكل مجلس المحافظة لجنتين لدراسة مطالب المحافظ علي دواي، بإقالة قائد الشرطة العميد نزار الساعدي، المتهم بالتستر على أبناء عشيرته، بالاضافة الى لجنة أخرى لبحث المشاكل التي كشف عنها الاخير , ويقول حسن مزعل، عضو مجلس المحافظة عن ائتلاف دولة القانون، ان”العميد الساعدي أكد أن مخصصات الاستخبارات صفر، وأن لديه 350 آلية عاطلة لايملك أموالاً لإصلاحها”.
وفشلت حملتان سابقتان، أطلقتا بمشاركة قوات من خارج ميسان في آذار وأيار الماضيين، في وضع حد للنزاعات العشائرية المسلحة , وفي سياق متصل يشكك النائب عن ميسان محمد الصيهود بمدى نجاح مثل تلك العمليات العسكرية في تثبيت الامن بالمحافظة.
وقال الصيهود، إن”الحكومة المحلية عاجزة عن ضبط الامن، وهناك مئات من أوامر الاعتقال المعطلة”، مؤكدا ان”المجرمين سيعودون الى الظهور بعد انتهاء العملية التي لن تتجاوز الاسبوعين” , وكان 500 عنصر من الفوج السريع، الذي نفذ الحملة الاولى في ميسان، نجح بتثبيت الامن لعدة ايام فقط.
ويطالب سرحان الغالبي، رئيس اللجنة الامنية في ميسان، بـ”إعادة تلك القوات لتنفيذ عمليات جديدة”، مؤكدا ان”القوة لديها مهمات في محافظات اخرى”. ولايتوقع الغالبي، ان ينتهي الخطر في ميسان بهذه العملية لكنه يقول”لدينا 7 أفواج من الشرطة الاتحادية والشرطة المحلية، وهو عدد كافٍ إلا أن الخلل في الإدارة”.
ويدعو المسؤول المحلي”المحافظ وقائد الشرطة الى التنحي عن المنصب إذا لم يكن لديهم القدرة على حل مشكلة الصراعات العشائرية”.
عشائر ومخدّرات
ويقول المصدر المطّلع إن أغلب عناصر القوات الامنية والضباط، وحتى المسؤولين في المحافظة، يخشون إلقاء القبض على المطلوبين أو الإدلاء بمعلومات حول أي متهم , ويردف بالقول”الشاهد في تلك الجرائم سيتعرض للقتل او يفرض عليه فصل عشائري بقيمة 50 مليون دينار”.
إلى ذلك يحمّل عدنان جاسم، عضو حزب الدعوة في مجلس ميسان، الحكومة في بغداد مسؤولية الاوضاع في المحافظة، والفوضى في المنفذ الحدودي , ويقول جاسم، ”ليس لدينا أمل بانتهاء النزاعات العشائرية، لكن نأمل ان تنحسر بعض المظاهر المسلحة خلال الحملة الاخيرة”.
وكانت العمليات الامنية السابقة، التي دعا اليها مجلس الأمن الوطني في شباط الماضي، اخفقت في حصر السلاح، لكنها نجحت بتقليص تجارة المخدرات، التي بدأت تتفشى في ميسان وبعض المحافظات الجنوبية.
وكان تحقيق صحفي سابق، نشرته بعض الصحف ، قد أكد ان بعض العمليات العسكرية في ميسان التي نفذتها الحكمومة الاتحادية كانت للسيطرة على تجارة المخدرات.
ويقول حسن خزعل، عضو مجلس ميسان، ان”الشباب العائدين من إيران أغلبهم مدمنون على المخدرات، ونشروا الكرستال والحبوب المخدرة في المقاهي”.