صالات السينما الروسية . . تعرض فيلما روسيا لمخرج عراقي
قدمت صالات العرض السينمائية في روسيا، يوم الثلاثاء الماضي، فيلما روسيا تاريخيا يتحدث عن حقبة “السكيثين” في المنطقة، من اخراج فنان من اصول عراقية.
المخرج الروسي من أصول عراقية “رستم مسافر”، تم عرض فيلمه “سكيثي” في عرض خاص، يوم 16 كانون الثاني 2018، وسط حضور غفير من النقاد والمتخصصين.
مسافر والذي شارك في وضع سيناريو الفيلم مع فاديم جولوفانوف، اكد انه “لا يلتزم بخط تاريخي معين، بل ويرفض وصف فيلمه بالتاريخي، تماما كما يرفض وصفه بفيلم أكشن”، وعلى الرغم من كم لا بأس به من العنف الذي يعبر بنا منذ اللحظة الأولى لحركة الكاميرا، وحتى الكادر الأخير، إلا أنه المخرج استطاع أن يأسر لحظة إنسانية وحشية بديعة، تطرح أسئلة أعمق مما يبدو من أحداث ومغامرات على سطح الصورة الدموية.
ويحكي الفيلم عن بطل مغوار يبحث عن زوجته وابنه الرضيع، وقد اختطفهما الأشرار، ليضعوهما في أيدي قبيلة أكثر بدائية، فتبدو رحلة البحث رحلة حياة إلى مشاهد وأراض وقبائل وآلهة.. فنعرف أثناء الرحلة مع الرفيق/ العدو الذي يعتزم البطل قتله في البداية، بينما يحاول الآخر في المقابل قتله، أن أداء القسم يختلف باختلاف الآلهة، فيسأل البطل، بمن تقسم؟ ليدرك كلاهما في لحظة عصيبة بين الحياة والموت أن الآلهة تختلف باختلاف المكان والإنسان، وفي مكان آخر من الفيلم تقول إحدى الشخصيات: ليس لإلهك سلطة هنا!
ويبحر الفيلم بعيدا في أعماق الطبيعة الإنسانية التي لا تزال تمارس نفس أنشطتها الحيوانية في مطلع القرن الـ 21، بنفس الحماس، وبنفس اليقين، مثلما كان يحدث في عصور ما قبل التاريخ .. ويضع رستم مسافر، بأصوله العراقية القوزاقية، مرآة شفافة أمام المشاهد، ليطرح عليه الأسئلة الوجودية والإنسانية الصعبة التي يعجز هو عن طرحها على نفسه، لذلك يبدو الفيلم قاس في لغته ومفرداته السينمائية التي يمتلكها مسافر بمهنية جعلت جزءا من فظاظة الفكرة والأحداث يدفع بالمشاهد إلى حافة مقعده، معتزما المغادرة دون أن يقوى على ذلك. إنها تلك المهنية في أن تعرض الحقيقة الصارخة، التي يعجز مستمعك عن مواجهتها، دون أن تعبر حد الكياسة أو القيم الجمالية والفنية العامة.
و ذكر موقع روسيا اليوم، ان “الفيلم نجح في تكوين مزاج عام بلغة سينمائية انتقلت عبرها الفكرة الأساسية العميقة التي تدفعك دفعا للتفكير في واقعية هذا الفيلم لا في خياليته، في انتمائه للعصر الراهن، لا لعصر مضى وانتمائه للمكان الراهن لا إلى اللامكان حيث يخدعك المخرج بداية”.
واضاف “إنها دائرة لا تنتهي من العنف والدم والقتل والدمار ووهم اليقين المطلق، يضعها أمامنا صناع الفيلم وعلى رأسهم المخرج على خلفية قادة عظماء، وآلهة تبدو مرتبطة بالطبيعة، بل ومتحكمة بها .. أليست تلك هي لوحة الرسام الروسي العظيم فاسيلي فيريشاغين (1842-1904) “مجد الحرب” (1871) وقد تكومت مجموعة كبيرة من الجماجم في هرم مجهول وسط منطقة نائية، بينما كتب فيريشاغين إهداء على إطار اللوحة، “إلى جميع العظماء المنتصرين في الماضي والحاضر والمستقبل”.
ويبدو فيلم “سكيثي”.. إهداء لجميع القادة العظام والمنتصرين الذين يهمّون بالولوج إلى دائرة العنف المستعر المفرغة اللانهائية، التي لا تجلب للبشرية سوى مزيد من العنف .. من القتل .. من الدم.