“خارطة الطريق ” رؤية فنية لأصلاح شبكة الاعلام العراقية ( 2 )
د . علي المطيري
يمكن لجميع الناس في مختلف أنحاء العالم مشاهدته وسماعه ورؤيته في الوقت نفسه. يسهّل من عملية تبادل المعلومات المختلفة، بشكلٍ بسيط. يوفّر كثيراً من الوقت والجهد والتكلفة.
مفهوم الفنون :إنّ الفن هو وسيلة يُعبّر الإنسان من خلالها بوعيٍ عن حاجاته ورغباته؛ فهو بمثابة تصوّر للعالم، وإثبات للهوية ووسيلة للحفاظ عليها، وتُشكّل الفنون ميادين واسعة، للتعبيرعن الطاقات الكامنة، والرغبات، والانفعالات، والأحاسيس، فكُلّ عمل فنّي يتخذ موضوعاً ما، يحمل أبعاداً دلالية ورؤى تعبيرية، وقد يمزج بين الواقع والخيال، ويستطيع الجمهور فهمه أو البحث من أجل تحليله، وكون الفنون لا تبقى حبيسة مكان صنعها أو لصيقةً بصاحبها، فهي بذلك تَخْلِقُ مجالاً للتواصل بين الفنان والناس، وهذه العلاقة التفاعلية ينتج عنها تطوير الحالة الثقافية والفنية والرُقيّ بالمجتمعات على مختلف الأصعدة. مفهوم الفنون الفن هو شكلٌ من أشكال الثقافة الإنسانيّة، ووسيلةٌ من وسائل التعبيرعن جوهر الإنسان، وجوهر رغباته المكنونة، وصراعاته الداخلية، وتتسم هذه الوسيلة بالرُقيّ، وتُعرّف الفنون أيضاً على أنّها الإبداع المتحرر من أي قيود، وتبدأ بموهبة يخلقها الله عزّ وجل مع الشخص مُنذ صغره، وتتفاوت من فرد لآخر، وكل شخص يعمل على تطويرها وإخراجها إلى الملأ بأسلوبه، وحين يتميّز صاحب الموهبة بقدرته الإبداعية الخلاّقة نسميه فناناً حسب مجاله، ومن هنا فإنّ الفنون في تعريف آخر هي: مجموعة المهارات المستخدمة لإنتاج أشياء ذات قيمة جمالية، وبهذا يشمل الفن؛ الموهبة، والمهارة، والخبرة، والإبداع، والحدس والمحاكاة، وتتيح الفنون للإنسان التعبيرعن ذاته أو مُحيطه بأسلوب بصري، أو صوتي، أو حركي، ويعتبر بعض أهل الثقافة والعلم، أنّ الفنون ضرورة حياتيّة للإنسان، لا تقلّ أهميّة عن الماء والطعام. أنواع الفنون كانت الفنون قديماً تُقسم إلى سبعة أقسام، أما حديثاً فتُقسّم إلى ثلاثة أقسام شاملة وهي:
الفنون المرئيّة وتنقسم إلى: الفنون التشكيليّة: كالرسم، والخط، وفنون الكمبيوتر، والهندسة، والتصميم، وفن العمارة، والنحت، والأضواء، والتصوير الزيتيّ، والتصوير الجداريّ، والتصوير الضوئيّ، والفسيفساء، وفنّ الكتابة بالخط، وفنّ التجميع، وفنّ التركيب، وفنّ الفيديو. الفنون التعبيريّة: مثل فن الأداء الحي، وفنّ الحركات الإيحائيّة، وفنّ الرقص، وفنّ التمثيل، وفنّ الإلقاء. الفنون التطبيقية؛ كالتصميم الداخلي، وتصميم الأزياء، والحياكة والتطريز، والزخرفة، والديكور، وصناعة الأثاث، وصناعة الزجاج المعشّق، وصناعة الخزف. الفنون غير المرئية وهي: الشعر، والأدب، والموسيقى، والمسرح، والأوبرا، والغناء، وفن الخَطابة. الفنان هو الشخص المبدع، والمُتَمَكِّن من أدواته الفنيّة، والذي يملك الوعي، والقدرة على تسخير كلّ إمكانياته الفنيّة لخدمة المجتمع والإنسانية، وهو الذي يترجم الواقع بصدق، وشفافية عالية، وغالباً ما تكون رسالة الفنان سامية يُحرّكها الخير والحق، ويزيّنها الجمال، وترمي إلى تحسين الواقع وتغييره للأفضل.
مفهوم الثقافة :
ينبغى منذ البداية التحديد الدقيق لمفهوم الثقافة كما هو معروف فى العلم الاجتماعى المعاصر. نحن نتبنى التعريف الموسع للثقافة الذى يزاوج بين محاور ثلاثة رئيسية:- الثقافة كمرادف لكل ما هو إنسانى، بمعنى أن الثقافة هى ذلك الكل المركب الذى يضم أنماط السلوك المشترك السائد فى مجتمع ما بشقيها المادى والمعنوى مع التركيز على الجوانب اللامادية.
– الثقافة بالمعنى الإبداعى النخبوى الذى يركز على طبيعة الإنتاج الرفيع المقدم من نخبة من المبدعين.
– الثقافة بالمعنى الذى يربط بينها وبين القيمة التى يضفيها الإنسان على حياته فيكسبها معنى ودلالة، بمعنى التركيز على نوعية الحياة، فالثقافة بهذا المعنى تشير إلى رؤية الإنسان للعالم، ونوع الأساليب التى يتبعها لكى يكسب حياته معنى ويحقق آماله وتطلعاته. وترتبط اشهريا بمنظومة القيم العامة للمجتمع والتي يمكن تلخصيها بما يلي :منظومة القيم- تجديدالقيم
ما هي القيم يعيش الإنسان في هذه الحياة وفق قيمٍ مُعيّنةٍ يُطبّقها أو يَسعى للوصول إليها، كما تُعتَبر القيم نوعٌ من أنواع المُحدّدات أو الغايات، ويُعدّ الوصول إليها نوعاً من أنواع النّجاح، وعلامةً تُؤشّر على حسن سَيْر العمل في مَراحله السّابقة، أو ما يُطلق عليه بالتغذيّة العكسيّة أو الرّاجعة. تعريف القيم القيم مُفردها قيمة، وترتبط لغويّاً بمادة قَوَمَ والتي تمتلك عدّة دلالات منها قيمة الشّيء وثمنه، والثّبات والدّوام، و الاستقامة والاعتدال، ونظام الأمر وعِماده. وأقربها لمعنى القيمة هو الثّبات والدّوام والاستمرار على الشّيء.
[١] أمّا اصطلاحاً فإنّ القيم هي جملةُ المقاصد التي يسعى القوم إلى إحقاقها متى كان فيها صلاحهم عاجلاً أو آجلاً، أو إلى إزهاقها متى كان فيها فسادهم عاجلاً أو آجلاً. وهي القواعد التي تقوم عليه الحياة الإنسانيّة وتختلف بها عن الحياة الحيوانيّة، كما تختلف الحضارات بحسب تصوّرها لها. وقد وردت في القاموس التربويّ بأنّها صفاتٌ ذات أهميّة لاعتبارات نفسيّة أو اجتماعيّة، وهي بشكل عامّ مُوجّهات للسّلوك والعمل. [٢] خصائص القيم للقيم عدّة خصائص تتميّز بها:ترتبط بنفسيّة الإنسان ومشاعره، حيث تشمل بذلك الرّغبات والميول والعواطف التي تختلف من إنسان لآخر، ومن حضارة لأُخرى. مُتغيّرة وليست ثابتة نتيجةَ تفاعل الإنسان مع بيئته وتغيُّرات الوسط المُحيط. غير وراثيّة ومُكتسبة من خلال البيئة. تفاوت أولويّة القيم وتفوّقها على بعضها، وتطبيق إحداها على حساب الأُخرى. تعدُّدها نتيجةَ اختلاف الحاجات الإنسانيّة بين حاجاتٍ اقتصاديّةٍ وسياسيّةٍ واجتماعيّةٍ ونفسيّةٍ. ذات منطق جَدَليّ؛ فهي تحتمل الحقّ والباطل، والخير والشرّ. صعوبة القياس بسبب تعقيد الظّواهر الإنسانيّة المُرتبطة بالقيم. ذاتيّة؛ حيث تظهر في مَشاعر الإنسان إمّا بالميل نحوها أو النّفور منها. نسبيّة؛ فهي تختلف من شخصٍ لآخر حسب الزّمان والمكان. إنسانيّة؛ فهي مُتعلّقة بالإنسان وليس أيّ كائن آخر. تصنيف القيم تصنف القيم حسب المجال الذي تُعنى به إلى عدّة أنواع:
[٣] القيم النظريّة: هي رغبة الفرد بالتعلّم وسعيه نحو اكتشاف المعلومات والبحث عن مصادرها، ويتّصف صاحب القيم النظريّة بقدرته على النّقد والنّظر للأمور بموضوعيّة، ومن الأمثلة على القيم النظريّة الطّموح العلميّ، والتّجريب، والبحث العلميّ، والتّسامح الفكريّ. القيم الاجتماعيّة: وتظهر من خلال رغبة الإنسان بتقديم العون لمن حوله، وتفاعله الاجتماعيّ مع الوسط المُحيط به، واتّخاذه إدخال السّرور على الآخرين هدفاً بذاته، ومن الأمثلة على هذه القيم العطف، والحنان، والإيثار. القيم الدينيّة: تتضّح من خلال اطّلاع الإنسان المُستمرّ على أصل الوجود والكون، والتزامه بتعاليم الدّين، وحرصه على نيل الثّواب والبعد عن العقاب. القيم الاقتصاديّة: تتمثّل في البحث الدّائم عن الإنتاج المُربِح، والاهتمام بالأموال والثّروات، وغالباً ما يَنظر أصحاب هذه القيم للأمور نظرةً ماديّةً قائمةً على حساب مِقدار الرّبح والخسارة، وقد يتعارض هذا النّوع من القيم مع الأنواع الأُخرى.القيم الجماليّة: يُعبَّر عنها بالبحث عن الجمال في الأشياء وتقدير الفنّ، ومن أمثلتها التفوّق الفنيّ، وحبّ الفنون، وتقدير الجمال. القيم السياسيّة: تظهر في حبّ القوّة والتحكّم، وفرض القوانين على الأشخاص والأفراد، ومن أمثلتها تقدير السُّلطة، وتحمُّل المسؤوليّة، والميل للقيادة. أهميّة القيم للقيم أهميّةٌ عُظمى في حياة الفرد والمجتمع تُساهم في بنائه تكوينه، ومن أهميّتها:بناءُ شخصيّةٍ قويّةٍ ناضجةٍ ومُتماسكةٍ صاحبةِ مبدأ ثابت. اكتساب الفرد القدرة على ضبط النّفس. التّحفيز على العمل وتنفيذ النّشاط بشكل مُتقن. حماية الفرد من الوقوع في الخطأ والانحراف حيث تُشكّل القيم درعاً واقياً. إحساس الفرد بالسّلام الداخليّ. الاستقرار والتّوازن في الحياة الاجتماعيّة. إحساس الفرد بالمسؤوليّة. كسب ثقة النّاس ومَحبَّتِهم. إكساب الفرد القدرة على التّأقلم مع الظّروف برضا وقناعة. تشكيل نمطٍ عامٍّ للمُجتمع وقانون يُراقب تحرُّكاته. أساليب تكوين القيم لأهميّة القيم وضرورتها قامت عدّة تجاربَ ودراساتٍ لمعرفة أنجح الأساليب والطّرق لتكوين القيم وترسيخها في المُجتمعات، ومن الأمثلة على هذه الطّرق: الإقناع: عن طريق توظيف الأدلّة والبراهين لإقناع الأفراد بأهميّة قيمةٍ مُعيّنةٍ. اتّخاذ القدوة الصّالحة. القوانين: جعل القيم جُزءاً من تشريعات وقوانين الدّولة يجعل تطبيقها لزاماً على المُجتمع. الإعلام: حشد الإعلام لتوجيه المُستمعين نحو قيمة مُعيّنةٍ ودعوتهم إلى تطبيقها. الدّين: وجود القيمة من ضمن التّشريع الدينيّ يُعدّ ذا أثرٍ كبير على انتشارها وتطبيقها، خصوصاً إذا كان المُجتمع مُتديّناً. مصادر القيم من مصادر القيم ما يأتي: الدّين: من خلال الشّرائع السماويّة التي أنزلها الله تعالى للنّاس، ومن خلال الكتب السّماويّة التي جاءت لهداية البشريّة وتوجيهها لما فيه صلاحها، فما وافق الشّريعة هو صالح وما خالفها فهو فاسد. العقل: نتيجة قدرته على تحليل الأمور، والنّظر في عواقبها، واستنباط الخير والشّر. المُجتمع: إذ يعتقد أصحاب هذا الرّأي بأنّ لكل مُجتمع ظروفه وخصوصيّاته وتطلّعاته ومُستقبله الخاصّ به، وبالتّالي فإنّ القيم التي تلُائمه قد لا تُلائم غيره من المُجتمعات. مُكوّنات القيم يتكوّن القيم من كلّ ممّا يأتي: المُكوّن المعرفيّ: عن طريق اختيار قيمة مُعيّنة بين مجموعة من البدائل، ومقارنتها بغيرها، والنّظر في نتائجَ اختيارها، وتحمُّل مسؤوليّة الاختيار. المُكوّن الوجدانيّ: يظهر من خلال الفخر بقيمةٍ مُعيّنةٍ وسعادة الفرد باختيارها. المُكوّن السلوكيّ: يُحدّد عن طريق المُمارسة والتّجربة، وذلك من خلال مُمارسة قيمة مُعيّنة في ظروف وأوضاع مُختلفة.
مفهوم السياسة الاعلامية والفنية والثقافية في العراق:
السياسة الثقافية هى «توجهات الدولة الإيديولوجية، معبراً عنها فى مجمل القرارات والتدابير والبرامج والأنشطة والأفعال – بما فى ذلك الامتناع عن الفعل- التى توجه إلى الجوانب الثقافية اللا مادية فى المجتمع: المعتقدات، الفكر، الرأى، الفن، الأدب، القيم، العادات، التقاليد، الذوق العام، القدرات الإنسانية وبخاصة القدرة الإبداعية، القدرة على التذوق الفنى، القدرة على التفكير العلمى بهدف تحقيق أهداف وغايات تتفق وتوجهات الدولة الأيديولوجية».
وتتبنى الخارطة وخطة الاصلاح لهذا التعريف معناه أن السياسة الثقافية التى ستتم دراستها تمتد لتشمل السياسة الثقافية لشبكة العلام العراقية و لوزارة الثقافة وغيرها من الوزارات والهيئات كوزارة التعليم العالي والتربية ووزارة الشباب والرياضة والأوقاف الشيعية والسنية وبقية الاديان الاخرى بالاضافة الى مقتربات البحث من بقية الوزارات الاخرى الرعاية الاجتماعية وحقوق الانسان والمراة المندمجة في وزارات اخرى.
– تقويم السياسة الثقافية:
فى تقويم السياسة الثقافية لابد لنا أن نعتمد على على المعايير التى اتفق عليها جمهرة الباحثين فى مجال تقويم السياسات العامة، وعلى تطويعها لتتفق مع خصوصية المجتمع المبحوث. والواقع أن موضوع تقويم السياسات العامة، ومعايير هذا التقويم، من الموضوعات الخلافية فى البحوث، وهناك تصميمات منهجية متعددة تطبق فى هذا المجال ولا يتسع المجال لعرضها.
دوائر ثلاث:
فى تقديرنا أن التحرك بقوة إيجابية وتروي وفطنه وصدق لوضع سياسة واعلامية وفنية جديدة يقتضى التحرك فى دوائر ثلاث:الدائرة الأولى: تقييم السياسة الثقافية الراهنة فى ضوء مؤشرات كمية وكيفية.
الدائرة الثانية: القيام بمجموعة من البحوث الاعلامية الاجتماعية الثقافية والفنية الأساسية وخصوصاً ما تعلق منها بمسوح اجتماعية فى دوائر الأميين والفئات الفقيرة والمهمشة وفى العشوائيات لأكتشاف المواهب الدفينة لمن يصلحون موجهين ثقافيين شعبيين.على الصعيد اليومي وبالتعاون مع مراكز شبابية ومجتمعية ونوادي اجتماعية ومحافل مدنية ودينية معتدلة اي كل الاوساط المستهدفة بعملنا هذا.
الدائرة الثالثة: التخطيط مع الجهات العليا النافذه شرعا وقانونا وعرفا لسياسة ثقافية جديدة محورها «التنمية الثقافية بمستويات ثلاث» قاعدية شعبية/ ومتوسطة نوعية/ ونخبوية عليا / وفقاً لتحليل الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية التى سادت المجتمع بعد2003 ووفقاً لموجهات أساسية فى ضوئها يتم وضع البرامج الثقافية المختلفة.
السؤال اولا:اي ثقافة نريد؟ ثقافة الرفاهية ام ثقافة الفقر؟
يرجى الاطلاع الى بحث الدكتور عباس السعدي والمعنون:
جغرافية الفقر في العراق /أ.د. عباس فاضل السعدي
مركز احياء التراث العربي/ جامعة بغداد
ورقة وخارطة الطريق:
أولاً: قراءة تحليلية لخريطة المجتمع العراقي بعد200
بلا شك في التعيير الذي حصل بعد2003 في العراق قد غير بشكل جذرى المجتمع السياسى السلطوى الذى ساد طوال عهد حكم حزب البعث من 63 الى/2003، وحولته إلى مجتمع اكثر حرية وتنوع وديمقراطية بمسحة فوضوية غالبه بكل ما فى الكلمة من معانٍ ودلالات. والمجتمع السلطوى قام على أساس احتكار السلطة عن طريق انفراد حزب بالهيمنة على مجمل الفضاء السياسى، عن طريق شبكات الفساد وممارسة التزوير المنهجى لكل الانتخابات رئاسية.
ولا نقول إن ماحصل من تغيير2003 قد محى بجرة قلم كل ملامح المجتمع السلطوى، لأن السلطوية ليست مجرد نظام سياسى استبدادى، ولكنها أيضاً ثقافة تغلغلت فى نسيج المجتمع، وتسببت فى الخوف الشديد من السلطة والخنوع الجمعى، وأسست للوعى الزائف الذى مؤداه أن الجماهير تعجز عن مقاومة الاستبداد، وأنها لا تستطيع اتخاذ المبادرة فى المعارضة الجذرية لتغيير سياسات النظام المنحرفة، أو فى الانتفاضة الثورية لقلب النظام.
جاء التغيير والتحول الديمقراطي فتغير العديدً من هذه الملامح، لأنها أسقطت النظام بالفعل فى فترة قياسية، وأجبرت الرئيس السابق على الاختفاء ومن ثم محاكتمه ، وأبرزت الطاقة الثورية الهائلة الكامنة لدى جموع الشعب، وأكثر من ذلك أثبتت أن الجماهير فى ميدان التحرير وغيره من الساحات البغدادية، يمكن أن تمارس الضغط الحر على السلطة الممثلة فى المجلس التشريعي النواب والتنفيذي الحكومة ، لكى تدفعها دفعاً لاتخاذ قرارات معينة أو لتعديل قرارات اتخذت وثبت خطؤها. والسؤال الذى تنبغى إثارته الآن، ما هى الملامح الأساسية لهذا المجتمع العراقي ومدى ارتباطه بالاعلام والثقافة ومؤسساتهم التنفيذية ؟
نؤشر بهدوء وصراحة قبل الإجابة عن هذا السؤال المحورى، فلابد لى أن أوضح إلى أننا نعيش فى عصر _ما بعد الحداثة_وانكسار العلامة السيميائية التقليدية .وأهم سماته سقوط السرديات الكبرى أو الأنساق الفكرية المغلقة التى كانت تأخذ عادة شكل الإيديولوجيات المصمتة كالماركسية المتطرفة أو الرأسمالية الجامحة الدينية التكفيرية القاتلة والثورية المغيرة . كما سقطت أيضاً أوهام الحقائق المطلقة للسلطة، أو المواقف الفكرية السياسية الثابتة التى لا تتغير حتى لو انقلبت الأحوال!!، وبرزت ظواهر جديدة غير مسبوقة تحتاج إلى إطار نظرى جديد يحاول الغوض إلى أعماق المشكلات فى عصر لابد فيه من الاعتماد على الأنساق الفكرية المفتوحة، التى تستطيع أن تؤلف تأليفاً خلاقاً بين متغيرات متعارضة، كان يظن سابقا أنه لا يمكن الجمع بينها فى مؤلف فكرى أو سياسى واحد، كالتأليف بين العلمانية والدين كما يحدث الان بين التيار الصدري والمدنين والشيوعيين ، أو بين الاشتراكية والرأسمالية، أو بين الحرية والعدالة الاجتماعية
والاعلامي المنهجى وهو يخوض فى غماركل هذا من العواصف السياسية والاجتماعية والسلوكية التى أحدثت يحاول أن يستخدم فى استراتيجية الكتابة تكتيكات مختلفة، كالتقدم والتراجع، والدفاع عن موقف محدد ثم العدول عنه، أو تبنى رأى ما وتغييره فى فترة قصيرة، لأنه ثبت من خلال الممارسة خطؤه. وبالتالى الحكم على الكاتب أنه متناقض نتيجة قراءة سطحية غير متتبعة لمقالاته فى مجموعها يعد إدانة لا محل لها، وليست لها أى قيمة معرفية. ولذلك أدركت أنه من الضرورى أن أرسم الملامح الأساسية للخريطة المعرفية للمجتمع كما قرأتها، نتيجة مشاركة فعالة فى المراقبة المنهجية للمتغيرات وتحولاتها.
وأول ملامح هذا المجتمع الجديد، أن دور المثقف التقليدى الذى ساد طوال القرن العشرين والذى كان يقوم على أساس تبنى رؤية نقدية لأحوال المجتمع والاهتمام بالشأن العام من خلال تبنى إيديولوجية حزبية واحده، قد سقط لحساب دور جديد ظهر لمن يطلق عليه «الناشط السياسى» والمدني والثقافي الخ .وهذا الناشط السياسى نجده ممثلاً فى كل الأعمار، وليس من الضرورى أن يصدر عن إيديولوجية محددة. ولكن ما يميزه حقاً قدرته الفائقة على تحريك الشارع فى اتجاه معارضة السلطات التشريعية والتنفيذية، سواء فى ذلك السلطة السلطوية السابقة أو السلطة الحالية فى مرحلة الانتقال المتعددة. ومما يميزه أن تحريك الشارع يتخذ – بحكم الثورة الاتصالية الكبرى- أشكالاً مستحدثة غير مسبوقة، مثل الاستخدام الفعال لشبكة الانترنت بما فيها من أدوات «الفيس بوك» و«التويتر»، بالإضافة إلى الأشكال التقليدية مثل رفع وعى الجماهير من خلال رفع شعارات صارخة، والنكات والاغاني واستخدام ماهو متاح ومتوفر من وسائل التعبير تدفعهم دفعاً إلى الخروج إلى الشوارع فى مظاهرات كبرى، أو اعتصامات مفتوحة، أو وقفات احتجاجية.وهو مايشبه الخروج عن شروط المسرح الحياتي بموت النص والمخرج والتحول الى المسرح البريختي التي تجل الخشبة الحياتية ملعبا للجميع للتعبير والقول لكن مع ثوابت ظرفية لا بد منها فالزمن والمكان هما ذاتهما معا!
والملمح الثانى من ملامح المجتمع هو ظهور فئة «الحشود الجماهيرية الهائلة» التى حلت محل فئة الجماهير التقليدية التى كان يمكن أن تخرج إلى الشارع للمعارضة فى صورة مظاهرة لا يتعدى عدد أعضائها المئات، مما يسهل مهمة قوات الأمن فى تفريقها. غير أن الحشود الجماهيرية حين يصل أعداد المشاركين فيها إلى مئات الآلاف أو إلى الملايين فى بعض الأحيان، فمعنى ذلك عجز أى قوة أمنية عن تفريقها أو وقف انتشارها.كما حدث في مظاهرات رفض الاحتلال التي غطت بغداد كلها واستخدمت الطائرات المروحية لتصويرها !
غير أن أخطر ما فى ظهور الحشود الجماهيرية كفاعل أساسى ليس فى كثرة الأعداد فقط، ولكن فى أن سيكولوجية الحشد تتسم بسمات أساسية، أبرزها الاندفاع الذى لا حدود له، وتجاوز كل الحدود، والتطرف فى رفع الشعارات التى يصوغها عدد من المحترفين الفوضويين، والارتفاع بسقف المطالب أحياناً لدرجة تجعل من المستحيل تحقيقها فى وقت قصير، أو التناقض الشديد فى المطالب، كل ذلك مع تشرذم الآراء السياسية، وبروز الانقسامات الخطيرة مثل تحول المجتمع إلى معسكرين معسكر الليبراليين واليساريين ومعسكر الإسلاميين، سواء كانوا من الطوائف او الحزبيين.
والملمح الثالث من ملامح الخريطة المعرفية للمجتمع هو بروز التناقض بين الشرعية الجماهيرية والشرعية الديمقراطية.
الشرعية الجماهيرية ظاهرة معروفة فى كل تغيير، وتعنى أن من قاموا بالثورة من حقهم أن يسقطوا الشرعية القانونية القديمة التى تأسست فى عصر السلطوية المستبدة، ويتخذوا من الإجراءات الجذرية ما يدفع للتغيير الثورى حتى لو كان ذلك مضاداً للقانون السائد.
أما الشرعية الديمقراطية فهى التى تقوم على أساس إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تعكس القوى السياسية الناجحة التى ستكون فى تعاونها مع قوات سياسية أخرى معارضة المعبرة حقاً عن الإرادة الشعبية.
وأبلغ مثال لهذه الشرعية الديمقراطية هى انتخابات المجالس النيابية والانتخابات الرئاسية التى أقبلت عليها جماهير الشعب بالملايين، مما يدل على انتصارها للشرعية الديمقراطية على حساب الشرعية الثورية التى يزعم بعض شباب الثوار أن ميدان التحرير ومظاهراته هى المعبرة عنها، حتى لو خالفت الشرعية الديمقراطية!
والملمح الرابع من ملامح المجتمع هو إصرار الجماهير على المشاركة الفعالة فى اتخاذ القرار، من أول المستوى المركزى حتى أدنى مستويات المستوى المحلى، ليس ذلك فقط ولكن الرقابة الفعالة على تنفيذ القرار.
ملمح الانضمام بشكل واسع في الدفاع عن التجربة والدولة واسقاط داعش كتنظيم ودولة غاشمة وثقفة تكفيرية وهو من اهم الملامح الايجابية للشعب العراقي بعد 2003.
ملمح السلوك العشوائي النفعي في التجاوز على املاك الدولة وممتلكتها دون اي مبرر قانوني وشرغي وهذا يحدث على مستوى العراق كله دون تحديد فئة معينه.
يبقى هذا الملمح سندا سلوكيا مزايا لفساد المؤسسات التشريعية والتنفيذية بشكل وباخر !هذه هى الملامح الأساسية للخريطة المعرفية للمجتمع العراقي.
ثانياً: الأوضاع الاجتماعية والثقافية السائدة
الأوضاع الاجتماعية
– نحتاج لرصد هذه الأوضاع الاعتماد على المؤشرات الكمية المتنوعة التى صاغها الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط العرافية وفقاً للبيانات المتنوعة التى يجمعها بالاضافة الى ادبيات الامانة العامة لمجلس الوزراء الموقر واصدارته السنوية والفصلية. وأهمها على الإطلاق عدد السكان والمستوى المعاشي وخط الفقر والمستويات الثقافية والتعليمية ونسبتها العامة ،وتوزيع السكان على مختلف المحافظات من الحضر والريف وميزانية الأسرة وتطوراتها إلى غير ذلك من البيانات الاجتماعية الأساسية. ودراسة وتحليل هذه المؤشرات بالغة الأهمية لأنها فى تقديرى تكون البنية التحتية لأى سياسة اعلامية ثقافية فنية رشيدة وناجحه.يكفى للتدليل على ذلك تأمل المؤشرات الكمية التالية معدل الأمية بين السكان 18%، ونسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقرفي تزايد (الهنداوي، أن “نسبة الفقر بالعراق وصلت الى 13% في العام 2013 الى أنها ارتفعت الى 22% خلال العام 2014) بعد احتلال تنظيم (داعش) لعدد من المحافظات، إضافة الى انخفاض أسعار النفط بالأسواق العالمية التي فاقمت من حدة الفقر بالعراق”)، تزداد سكان المواطنين يقطنون فى العشوائيات. وغنى عن البيان أن هذه المؤشرات تشير بوضوح إلى الأسباب العميقة لتدنى الوعى الاجتماعى والثقافى مما سمح للتيارات الدينية المتطرفة – لجميع مكونات الشعب أن تغزو عقول هؤلاء المواطنين والتى تؤدى إلى نشأة ظواهر التعصب الدينى والتطرف والتى تعد هى الأسباب الكامنة وراء الإرهاب.
2- وإذا كانت «المؤشرات الكمية» بالغة الأهمية فى دراسة الأوضاع الاجتماعية فليست «المؤشرات الكيفية» بأقل أهمية، وفى مقدمتها مقاييس جودة الحياة )ومايسمى ايضا مؤشر السعادة)quality of life التى أصبحت فى العلم الاجتماعى المعاصروالبيانات والاصدارات العالمية المقاييس الموضوعية لقياس مدى نجاح برامج التنمية المختلفة والعراق ياتي بنسب منخفضة بسبب العنف والارهاب والفوضى.
3- ومما لا شك فيه أنه ينبغى الالتفات- فى مجال دراسة وتحليل الأوضاع الاجتماعية – إلى الفجوة الطبقية الكبرى بين سكان «الخضراء ومقترباتها واشباهها ) الذين يمارسون أساليب للحياة تقوم على الاستهلاك التفاخرى وسكان «التجاوزات والحواسم» الذى يعيشون حياة لا تليق بالآدميين، وانعكاس ذلك كله على السلوك الاجتماعى بأنماطه المختلفة.
4- ولابد من دراسة ظاهرة الاستهلاك وتطوراتها فى المجتمع، وذلك لأن الطبقات الاجتماعية العليا تمارس أسلوباً تفاخرياً فى الاستهلاك مثلا يقول السيد علي الشلاه مدير عام شبكة الاعلام في لقاء متلفز معروف للجميع كم تبلغ مصروفات نجليه الصغار على جوالهم النقال !! وهورجل كان مجرد شاعروليس رجل اعمال، وهذا التفاخر الفقاعي سرعان ما انتقل -كما تنقل العدوى- إلى الطبقة المتوسطة والطبقات الفقيرة مما أثر على الميزانيات المحددة لهذه الطبقات وأثقلتها بمطالب استهلاكية على حساب إشباع الحاجات الضرورية ومن بينها الحاجات الثقافية.ويكفى أن نشير إلى أنه منذ سنوات قدر إجمالى ما ينفق على التليفون المحمول فى السنة الواحدة بمليارات $.
ومن المؤكد أن هذا الرقم قد زاد فى عام 2017. ومن الملاحظ لنا و جميع أن أسرا متعددة متوسطة أو فقيرة يمتلك أعضاؤها أربعة أو خمسة تلفونات محمولة او اكثر، مما يشير إلى خطورة ظاهرة التقليد الاجتماعى. وقد قامت عالمة الاجتماع المصرية الدكتورة «منى أباظة» بتأليف كتاب بالغ الأهمية عن أنماط الاستهلاك فى المجتمعات وقارنت بين فترات زمنية مختلفة وهي مقارنة ملفتة للنظر.
الأوضاع الثقافية:
1- أبرز هذه الأوضاع التى استفحلت فى الفترة الأخيرة هى شيوع الاتجاهات الدينية المتخلفة والمتطرفة ابتداء بإيديولوجية جماعا الإرهابية -بالرغم تمن خوائها الفكرى وقصورها السياسى المخزى- وانتهاء بالتيارات السلفية المعادية للحداثة بكل صورها السياسية والاجتماعية والفنية.ويمكن القول إن شيوع الآراء الدينية المتطرفة إعلان جهير عن فشل المجتمع بسياساته المختلفة بما فيها السياسة الثقافية فى مواجهة مشكلة رسوخ «العقل التقليدى» فى تربة الثقافة العصرية، والذى أدى إلى صياغة «عقول مغلقة» لا تصلح للتعامل الفعال مع المجتمع المعاصر ولا فى أجواء العولمة العالمية». ولذلك لابد من الحفر المعرفى لتحديد جذور تكوين هذا «العقل التقليدى»، والتى تتمثل فى ازدواجية التعليم بين تعليم دينى يقوم على النقل ولا يقوم على العقل، وتعليم مدنى ينهض على أساس قشور من المعرفة العلمية، تصاغ من خلال عملية «تلقين» ميكانيكية مما يؤدى إلى خلق «عقل إتباعى» لا يتسم بالإبداع.وقد ثبت علمياً أن «العقل التقليدى» هو المقدمة الضرورية لنشأة «العقل الإرهابى» الذى يمكن أن يؤدى بصاحبه إلى الهلاك، وخصوصاً فى صورة تفجير الإرهابى لنفسه ومصرعه الحتمى، مما يكشف عن خطورة تغلغل الأفكار المتطرفة والتكفيرية فى عقول الناس.
2- وإذا تركنا جانباً أخطر الأوضاع الثقافية السائدة فنحن نواجه بظاهرة تحتاج إلى الدراسة وهى انصراف أجيال الشباب عن القراءة التقليدية، ونعنى قراءة الكتب.
وهم يظنون – من خلال مناقشتى مع عديد منهم- أنهم يقرأون ما يشاءون على شبكة الإنترنت. غير أن ذلك فهم سطحى لعملية التكوين الفكرى الأساسية للعقل النقدى، والذى لا يمكن أن يتكون إلا بالقراءة التقليدية المتعمقة. وهؤلاء الشباب يظنون وهما أنهم يستطيعون الحصول من الشبكة على أى معلومة. غير أنهم لا يعرفون قانوناً معرفياً أساسياً وهو «أن المعلومات لا تكون بذاتها معرفة»!
لأن المعرفة تتطلب عقلاً تحليلياً ونقدياً قادراً على تقييم المعلومات والمفاضلة بين الآراء المتنوعة.
ثالثاً: التنمية الثقافية الجماهيرية باعتبارها أساس السياسة الثقافية المقترحة
استقر الرأى بين علماء الاجتماع المعاصرين بعد دراسة وتحليل عديد من تجارب التنمية فى العالم القصور الشديد لصيغة التنمية من فوق Development From above والتى تعتمد على الخطط التى يضعها السياسيون والاقتصاديون على مكاتبهم، بغير أن يولوا أدنى اهتمام للمطالب الجماهيرية.
ومن هنا اقترحوا صيغة جديدة هى «التنمية من أسفل» Development from below التى أطلقنا عليها «التنمية الجماهيرية».
وقد شاركت فى تطبيق هذا المفهوم عملياً فى إطار بحث سوسيولوجى تم فى إطار المشاركة في مؤتمرات عربية في تونس ومصر بخصوص فئات اجتماعية وحصلت على شهادات اكاديمية شرفية بهذا المجال وشهادات تقديرية من الجامعه العربية وتقابات واتحادات عربية معروفه وقد
نزلت إلى الشارع والمدن الصغيرة والكبيرة و القرى التى كانت محط اهتمام للدراسة وأجرينا مقابلات متعددة ومتعمقة مع الجهات المسنهدفه جميعا شباب وطلبة وعمال و الفلاحين وتعرفنا على مطالبهم الأساسية، وحددنا احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتبين لنا أن أول مهمة ينبغى أن نبدأ بها هى محو الأمية وفق أسلوب جديد غير ما تقوم به الهيئات البيروقراطية الحكومية فى هذا المجال.
ونظمنا فصولا ناجحة لمحو الأمية أقبل عليها الناس قي مدينة الصدر وغيرها وكذلك انشئنا مساحات خضراء لا تزال قائم ومزدهرة في شوارع المدن باذن لله، إلا أن «الفساد» أدرك أن هذه – فى نظره- محاولة اصلاحية_ لرفع وعى الشعب، ومن ثم قام بمحاربتنا على كافة المستويات !!!.
تعمدت أن أذكر هذه الخبرة لأبين أن علاقتى بالتنمية الجماهيرية تقوم على البحث الميدانى وليس على القراءة النظرية فقط. كيف نطبق ما أسميه «التنمية الثقافية الجماهيرية»؟ لابد أن نجرى مسوحاً اجتماعية وثقافية تخترق الكتل المليونية من الأميين والفقراء وسكان العشوائيات، لإكتشاف المواهب الكامنة لمن يصلحون -بعد تدريبهم فى الشبكة او وزارة الثقافة- موجهين ثقافيين شعبيين بحكم صلتهم العضوية بالجماهير.وأتصور أن هذه المسوح الاجتماعية والثقافية عليها أن تعتمد على «امناء مخاتير المناطق والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني الحقيقة» كمحور للبحث والتقصى. والمفروض أن المجالس المحلية المنتشرة فى البلاد تقوم بأنشطة متعددة تستطيع من خلالها – وفق خطة منهجية محكمة وبعد تحديد المواصفات الضرورية- أن تكتشف هذه المواهب لتخضع من بعد لبرامج تدريبية مدروسة.غير أن التنمية الثقافية الجماهيرية – أهم من ذلك- عليها أن تهتم باكتشاف كيف يبدع المجتمع العراقي ثقافته فى المدينة الصحراء والجبل والاهوار و الريف والحضر؟
لأن هناك وهما مؤداه أن وزارة الثقافة هى التى تبدع الثقافة! وليس هذا صحيحاً على الإطلاق. لابد أن نفهم كيف يشبع الناس حاجاتهم الروحية، ولماذا ينضمون إلى الطرق الشعبية في الفنون والرياضية والتكيات الصوفية والفعاليات القبلية والعشائرية والطقوس الدينية في محرم الحرام وغيرها وكيف يبدعون فنونهم الشعبية. هذه معرفة ضرورية حتى يتاح لنا أن نصوغ سياسة ثقافية رشيدة.موضوع التنمية الثقافية الجماهيرية يحتاج إلى دراسات وتحليلات أعمق ولذلك اكتفينا بهذه الإشارات الموجزة.
رابعاً: الأهداف الأساسية للسياسة الثقافية
لابد من أن نحدد تحديداً واضحاً للأهداف الأساسية التى تهدف إلى تحقيقها السياسة الثقافية الجديدة.
وفى تقديرنا أنه فى مقدمة هذه الأهداف:
1- تكوين العقل النقدى
ويتطلب ذلك فى الواقع ثورة تعليمية شاملة تحاول إلغاء عملية التعليم التلقينية السائدة والتى تصوغ عقولاً ابتاعية عاجزة عن الإبداع، ولا تستطيع أن تحل المشكلات بحلول مبتكرة.غير أنه بالإضافة إلى الثورة التعليمية المرجوة ينبغى على وزارة الثقافة- فى سلاسل الكتب المختلفة التى تنشرها- التركيز الشديد فى مجال الكتب المؤلفة والمترجمة على فئات الكتب التى تحض على التفكير والمساءلة فى مختلف فروع المعرفة، وسواء ذلك فى العلوم الطبيعية أو الاجتماعية أو الإنسانيات.وفى هذا المجال لابد من الاهتمام بالمراجع الأساسية فى حقول ثلاثة:
– تاريخ العلم
– فلسفة العلم
– سوسيولوجيا العلم.
وقد سبق للوزارة الثقافة ودائرة الشوؤن الثقافية ودار المامؤن للترجمة وغيرها أن ترجمو كتبا هامة فى هذه الحقول، غير أنه مطلوب إعداد خطة شاملة.
2- نشر ثقافة التجدد المعرفى الدائم وذلك فى ضوء المسلمة السائدة الآن فى العالم وهى أهمية «التعليم مدى الحياة»، بعبارة أخرى التقاليد البالية التى تقضى بنهاية التعليم مع الحصول على الشهادة -أياً كان نوعها- انتهت فى العالم المتقدم.وأصبحت هناك مسئولية ثقافية على عاتق الرواد فى المجتمع من الأكاديميين والساسة والمثقفين والمفكرين وهى التجدد المعرفى الدائم وذلك لأن عصر العولمة بما انطوى عليه من استحداث شبكات التواصل الاجتماعى وفى مقدمتها شبكة الإنترنت، قد أدت إلى انفجار المعرفة فى كل الميادين، وأهم من ذلك سهولة الحصول على المعرفة الجديدة لحظة تبلورها.وذلك يفرض مسئولية كبرى على المجتمع المعاصر لكى يساعد أفراده من مختلف الطبقات على أن يتفاعلوا مع المعرفة المتجددة.
3- تجسير الفجوة بين التعليم الدينى والتعليم المدنى لأن التعليم الدينى يقوم على النقل ولا يقوم على العقل، والتعليم المدنى يقوم على التلقين وحفظ قشور المعرفة العلمية. لابد للقضاء على ظاهرة الانفصام الثقافى الخطيرة أن نجدد فى برامج التعليم الدينى من ناحية، وأن نعيد النظر كلية فى مناهج التعليم المدنى بما يتفق مع تطورات العالم المعاصر.
4- تتردد كثيراً هذه الأيام الدعوة لإنتاج «خطاب إسلامى وسطى» حيث يقوم النجف المقدس الزهر بمكانته الحالية العظيمة والمباركة فى الدور الأكبر فى هذه العملية الضرورية والهامة.غير أننا ننطلق من رؤية ثقافية مغايرة لهذا المطلب البالغ الأهمية. وجوهر هذه الرؤية أن ترك المجال للمتخصصين فى الدين للقيام بعملية التجديد قد لا تكون مجدية بحكم تطبيقهم بالضرورة لقواعد معرفية موروثة فى مجال التفسير والتأويل قد تعوقهم عن تخطى الحدود الجامدة للمعرفة الدينية السائدة. وينبغى أن نلتفت إلى حقيقة هامة هى أنه لا كهانة فى الإسلام. وتقتضى هذه القاعدة ألا تترك عملية التفسير والتأويل لمن يتخصصون فى الدين فقط، بل ينبغى أن تفتح لكافة المفكرين المخلصين المتخصصين المؤهلين للدخول فى عملية تجديد الفكر الإسلامى بما يلائم حاجات العصر، وخصوصاً إذا كانوا قد درسوا بعمق «أصول الفقه” وغيرها والتى يمكن اعتبارها هى مناهج البحث الإسلامية. ومن الحقائق المعروفة أن علم «أصول» الفقه يدرس فى كل العراق الان بفضل لله سبحانه وتعالى عبر مدارس منتشرة هنا وهناك وانا شخصيا تخرجت من مدارس جامع بعلم الفقه، وقد ألف فيه أساتذة فضلاء جزاهم لله خير الجزاء . ومن هنا يمكن اقول إن لدينا قاعدة عريضة من الحقوقيين الدارسين لأصول الفقه مما يسمح لهم بالاجتهاد الانساني المعرفي الممكن والمتاح – وفق خطة مدروسة- فى مجال تجديد الفكر الدينى وربما كانت كتب «الدعاة والمجددين والمفكرين والصادقين الابرار» نماذج ساطعة على أهمية الاجتهادات الفكرية القادمة من خارج المؤسسات الدينية التعليمية.
5- تغيير الاتجاهات المتطرفة: هناك فى علم النفس الاجتماعى مبحث خاص عن مناهج وطرق تغيير الاتجاهات السلبية، ويندرج تحت هذا الموضوع تغيير اتجاهات التعصب والتطرف والنزوع إلى الإرهاب. ونحتاج فى هذا المجال إلى نشر سلسلة كاملة من الكتب فى هذا المجال، بالإضافة إلى ابتداع وسائل متعددة فى مجال الندوات الفكرية والبرامج التليفزيونية سعياً وراء تحقيق هذا التغيير.
6- تجديد القيم : من الملاحظات المهمة فيما يتعلق بالتغيرات الكبرى التى حدثت للمجتمع بعد2003 ظهور أزمة حادة فى مجال القيم، وهذه الأزمة سبق لعلم الاجتماع العالمى أن درسها وأطلق عليها ظاهرة الـ “anomie” أو «اختلال» القيم، بمعنى عجز أفراد المجتمع عن التمييز بين السلوك المشروع والسلوك غير المشروع.وهذه الأزمة لها مؤشرات متعددة، لعل أهمها الخلط بين الثورة والفوضى، وهو ما أدى إلى صدامات دامية بين فئات من النشطاء السياسيين مع قوات حفظ الأمن، سقط فيها بعض الشهداء ومئات المصابين.ولعل جذر هذا الموضوع هو ما أشرنا إليه من قبل فى القراءة التحليلية لخريطة المجتمع العراقي بعد 2003 من الخلط بين الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية، أو بين شرعية الانسان وشرعية البرلمان!شريعة الارض وشريعة الغرض!! وتبدو الأزمة فى أن ائتلافات اصلاحية شبابية متعددة الاتجاهات رغم بعض الادعات بيساريتها واخرى دينية متزمته احيانا !! تريد أن تواصل المظاهرات فى أى وقت احتجاجاً على أى وضع لا ترضاه، او لاسباب انتخابية او مصلحية لتظهر قوتها بالشارع العراقي!! بزعم أن «شرعية الارض» ينبغى أن تبقى قائمة إلى الأبد مهما كانت الأوضاع الدستورية قد استقرت ،ومن مظاهر أزمة القيم أيضاً نسف التراتبية الاجتماعية Social Stratification بمعنى عدم الاعتراف بالمديرين والرؤساء وشرعية الانقلاب عليهم ومحاصرتهم فى مكاتبهم والدعوة إلى فصلهم أو تغييرهم كما حصل للسيد الشبوط قبل سنة . بعبارة مختصرة عدم الاعتراف بالمكانات الإدارية والاجتماعية بزعم أن هذه من أخلاقيات الماضى.ومن المظاهر الحادة للأزمة محاولة نفى الأجيال القديمة باعتبار أن أوانها قد انقضى، ولعل شعار «شلع قلع» تعبر عن هذا الاتجاه خير تعبير.ومعنى ذلك أن النشطاء السياسيين -ربما بغير وعى منهم- يدعون إلى صراع مفتوح بين الأجيال بدلاً من أن يقيموا حواراً فعالاً بين الأجيال»، تنقل فيه الخبرة بهدوء وسلاسة من الأجيال القديمة إلى الأجيال الشابة.وأزمة القيم تدعو إلى أن يكون «تجديد القيم » هدفاً أساسياً من أهداف السياسة الثقافية.وفى هذا المجال لابد من التركيز على «مدنية الدولة العراقية بشقيها الديني والعلماني» فى ضوء برنامج متكامل يهدف إلى تأصيل الثقافة السياسية Political culture ، وفى هذا المجال المهم ينبغى التركيز على ترسيخ قواعد الحوار الديمقراطى واحترام الاختلاف فى ضوء احترام مبدأ التعددية.وذلك بالإضافة إلى إعلاء قيمة النقد الذاتى وعمل و برامج حلقات تلفزيونية حول الكتب المهمة فى هذا المجال وسواء فى ذلك النقد الذاتى الذى قام به مفكرون أو النقد الذاتى للمؤسسات (الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدنى). والاهتمام بترسيخ قاعدة الانفتاح النقدى على العالم بتياراته السياسية والاقتصادية والثقافية والمعرفية.ونحتاج إلى تجسير الفجوة بين النظر والعمل كقيمة عليا، بمعنى ضرورة التفاعل مع الشارع والنزول إلى مستوى الناس العامة من الشعب العراقي.ومن ناحية أخرى لابد من التركيز على نشر ثقافة التطوع وتشجيع مؤسسات المجتمع المدنى ودعمها وخصوصاً تلك التى تقوم بأدوار تنموية وثقافية.
7- السياسة الثقافية فى عصر مابعد الحداثة.
أهمية نشر ثقافة المعلوماتية وفهم قوانين ووسائل التفاعل الاجتماعى والثقافى فى شبكة الإنترنت، والاهتمام بتحليل تراث المدونات، والتحليل النقدى لوسائل التواصل الاجتماعى لمعرفة اتجاهات الشباب ورؤاهم للعالم (الفيس بوك والتويتر وغيرها).وفى هذا المجال -ولأننا نعيش فى عصر «الصورة»- لابد من استخدامها كوسيلة أساسية للتثقيف والتنوير (أفلام وثائقية وتسجيلية وحية) ويمكن القول إن «المواقع الإلكترونية» الإخبارية والثقافية أصبحت وسيلة ذائعة للتواصل، ويقبل عليها الشباب، ومن هنا أهمية أن تكون لتشكيلات الشبكة«مواقع الكترونية متعددة، واستخدامها فى نشر الثقافة ومتابعة تطوراتها وأخبارها.
خامساً: برامج ثقافية أساسية
1- إحياء الذاكرة التاريخية العراقية (الحقبة السومرية والبابلية والحقبة العربية الاسلامية وحقبة انشاء الدولة العراقية المعاصرة ).والتاكيد على الذاكرة العراقية في كشف مراحل نشوء الدكتاتوريات وحقبها الدموية وتوثيق كل التصحيات البشرية التي قدمها شهبنا لمقاومة الدكتاتورية والتعسف والدموية للانظمة الفاشستية الظالمة وتبيان دورها الهدام في تحطيم الانسان العراقي المعاصر والتاكيد على محاربة رموزها الثقافية في الماضي والحاضر وذلك من خلال سلاسل مدروسة من الكتب والأفلام.
2- إحياء الذاكرة الثقافية العراقية والعربية الاسلامية والهويات العراقية الثقافية التنوعيه.وذلك من خلال سلاسل خاصة تعيد نشر إبداعات النهضة العربية والعراقية الأولى والنهضة العراقية الليبرالية الدينية والمدنية ابتداء من القرن التاسع عشر وصولاً إلى أهم رموز الفكر الليبرالى العراقي الحديث.
3- رسم خريطة معرفية متكاملة للفكر العربى العراقي الحديث والمعاصر يرصد بصورة نقدية التيارات الإسلامية التجديدية، والتيارات الليبرالية، والتيارات اليسارية، على مستوى الدراسات النقدية الكلية وعلى مستوى الشخصيات البارزة.
وفى هذا المجال نقترح أن تتبنى وزارة الثقافة إعادة طبع كتب التنوير للفكر العراقي وللمصلحين الافاضل .
الية تحقيقة الاهداف : البرامج التلفزيونية
البرامج التلفزيونية
- التلفزيون هو أهم وسائل الإعلام في العصر الحاضر وأكثرها تأثيراً.
- يتميز التلفزيون بالتطور الهائل في إمكانياته على مستوى الصوت والصورة واللون والحركة والمؤثرات بأنواعها، ونوعية الشاشات وأحجامها وإمكانياتها، والتقنيات التفاعلية، وتقنيات الوضوح العالي.
- يتميز التلفزيون بالانتشار العالمي بالبث المباشر عبر الأقمار الصناعية، حتى أصبحت القناة الفضائية الواحدة قادرة على الوصول إلى جميع قارات العالم من خلال ستة أقمار فضائية فقط.
- يتميز التلفزيون بأنه متاح دوماً في متناول جميع المشاهدين، وبشكل مستمر ومتواصل، ولا يحتاج المشاهد إلى بذل جهد، وإنما يمكنه الاسترخاء والمتابعة.
أولاً: ماذا يحتوي التلفزيون ؟
يحتوي التلفزيون الشامل خمسة أنواع من المحتوى:
- الأخبار.
- الدراما، مثل المسلسلات والأفلام والمسرحيات.
- الأغاني والموسيقى.
- نقل المناسبات والأحداث، سواءاً دينية أو اجتماعية أو سياسية أو رياضية.
- . البرامج التلفزيونية بتصنيفاتها وأنواعها وقوالبها المختلفة.وهذا المحتوى المتنوع يكون غالباً في القنوات الشاملة، أما القنوات المتخصصة، فتقتصر على نوع واحد من المحتوى، أو مجال اهتمام معين باستخدام أكثر من شكل تلفزيوني.ثانياً: كيف يتم تصنيف البرامج التلفزيونية ؟
يتم تصنيف البرامج التلفزيونية عبر عدة معايير، وهي على النحو الآتي:
- الوظيفة أو الهدف: الإعلام – الترفيه – التثقيف – التعليم – الإعلان.. إلخ.
- المحتوى والمضمون: ديني- سياسي – اقتصادي – ثقافي- رياضي- فني – علمي..إلخ.
- الجمهور: عامة المجتمع – الأطفال – الشباب – النساء- نخبة متخصصة… الخ.
- دورية البث: يومي – أسبوعي – شهري – نصف شهري-.. الخ.
- وقت البث: برامج الصباح – برامج الظهيرة – برامج المساء – برامج السهرة…. إلخ.
- اللغة: لغة عربية فصحى- لهجة عامية – لغة أجنبية – لغة أجنبية مترجمة… إلخ.
- الشكل أو القالب الفني: حديث – حوار – تحقيق – مجلة… الخ. وهذا هو أهم أنواع التصنيف، لأنه يمثل المدخل الذي يسهل دراسة البنية الأساسية لبرامج التلفزيون.
ثالثاً: ما هو البرنامج التلفزيوني ؟
” هو فكرة أو مجموعة أفكار تصاغ في قالب تلفزيوني معين، باستخدام الصورة والصوت بكامل تفاصيلها الفنية، لتحقيق هدف معين”
رابعاً: أهم قوالب البرامج التلفزيونية
- قالب الحديث المباشر.
- قالب الحوار والمقابلة.
- قالب المائدة المستديرة ( الندوة ).
- قالب جمهور المشتركين.
- قالب المحاكمة.
- قالب الفيلم ومقدم البرنامج.
- قالب المسابقات.
- قالب المنوعات.
- قالب التحقيق.
- قالب المعالم أو البرنامج الخاص.
- قالب الحديث المباشر المجلة التلفزيونية.
خامساً: برنامج
وهو أبسط أنواع البرامج، إذ يقتصر على متحدث واحد، يوجه حديثه إما لجمهور الشاشة، أو جمهور الاستديو.
يتبع . . .