الأداء الرياضي مرتبط بمهمة بناء الإنسان
خيبة أمل كبيرة خيمت عَلَى شوارع وأغلب فضاءات البلدان العربية الَّتِي تأهلت منتخباتها إلى مونديال روسيا 2018، عَلَى خلفية الخروج المبكر لتلك الفرق الَّتِي لم تشفع لها ألقابها الكبيرة كالفراعنة وأسود الأطلس والأخضر ونسور قرطاج فِي اجتياز الدور الأول مِن منافسات تلك البطولة – الَّتِي تُعَدُّ مِنْ أكثرِ الأحداث الرياضية مشاهدة عَلَى مستوى العالم – وتحقيق ما يسعد الجماهير الرياضية المتعطشة لأجواء البهجة والفرح والمتعة، وَالَّتِي ما انفكت تجهد فِي بلورة آليات تشجيعها وشحذ همم الناس؛ لأجلِ تعميق مساندتها لفرقها الوطنية ومؤازرة لاعبيها؛ أملاً فِي تحقيق نصر يرفع مِنْ شأنِ الرياضة فِي بلدانها.
فِي المونديال الحالي، تبددت الآمال العريضة للجماهير الرياضية العربية مِنْ محبي اللعبة الأكثر شعبية فِي مختلف أرجاء المعمورة، بعد أنْ صحت عَلَى حقيقة مستويات لعبة كرة القدم فِي بلدانها، وَالَّتِي بددت الأوهام ووضعتهم أمام مرارة الواقع العربي، فاستسلمت له بعد أنْ تيقنت مِنْ عدم جدوى القفز عَلَى واقعٍ يشيب له رأس الرضيع؛ إذ أنَّ البلدانَ العربية ما تزال رهينة التخلف عَلَى الرغمِ مِنْ ضخامة ثرواتها وكثرة خطب قادتها. وإذا كان الحديث عَن ربط هزائم الفرق العربية بكرة القدم فِي منافساتِ بطولة كأس العالم، بطبيعة واقع بلدانها السياسي والاقتصادي والثقافي، قد يبدو للبعض أنَّه مِنْ ترف القول أو الانقياد وراء ” نظرية المؤامرة “، فإنَّ حيثيات الواقع لا تكذب، ولها دلالاتها فِي بيان أهمية هذا الأمر؛ إذ أنَّ الرياضةَ ليست مهنة مَنْ لا مهنة له كما يظن البعض، إنما الرياضة علم قائم بذاته، يستوجب تحسين أداء فعالياته، تبني الإدارات الرياضية برامج مِنْ شأنها تكييف آلياته مع حركة التطور الحاصلة فِي بقية القطاعات الأخرى بالركون إلى جملة إجراءاتٍ مخطط لها بعناية، لعلَّ مِنْ بَيْنَها تنشيط حركة البحث العلمي فِي هذا المجال.
ليس خافياً أنَّ الرياضةَ علمٌ يمثل المعرفة الَّتِي تقوم عَلَى أساليبٍ علمية تستمد مقوماتها مِنْ مرتكزات استراتيجية تعنى بتدريس علوم الرياضة والتقويم في مجال التربية البدنية بالاستناد إلى الاتجاهات والتقنيات العلمية الحديثة الَّتِي بمقدورها المساهمة فِي استثارة عامل الإبداع بالعملية التعليمية فِي هذا الميدان الحيوي، فتطوير الحركة الرياضة فِي أيّ بلد قصد تحقيق نتائج فِيما تباين مِنْ ضروبها، يخضع بحسب المتخصصين لشروط علمية تتداخل فيها الكثير من التخصصات ويكون التكوين فيها هو الأساس في حين يبقى تحسين الأداء هو الهدف المرجو منها.
يمكن الجزم بأنَّ الهم المشترك فِي أغلب البلدان العربية يتمثل فِي صعوبة مهمة بناء الإنسان، والاخفاق – عَلَى صعيد الرياضة تحديداً – فِي سبل إعداد المعلمين مِنْ ذوي المهارات المتميزة بمجال التربية الرياضية والبدنية؛ إذ أنَّ الرياضةّ تُعَدّ مِنْ بَيْنَ العناصر المهمة الَّتِي يعول عَليها فِي تمكين التنمية المستدامة. وبحسب أدبيات الأمم المتحدة تضطلع الرياضة بدور متعاظم فِي تحقيق التنمية والسلام؛ بالنظر لفاعلية دورها فِي تشجيع التسامح والاحترام، فضلاً عَنْ مساهمتها فِي تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات، وبلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي.
فِي أمَانِ الله.