بابلو نيرودا أعظم شعراء أمريكا اللاتينية
بابلو نيرودا الشاعر والسياسي تشيلي، والذي يعد من أعظم شعراء أمريكا اللاتينية، من الحاصلين على جائزة نوبل للأدب، وقد رحل في ظروف غامضة بعد أيام من انقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه.
من هو بابلو نيرودا
بابلو نيرودا واسمه الحقيقي “نفتالي ريكاردو رييس باسولاتو” ولد يوم 12 تموز 1904 في مدينة بارال بالتشيلي، ونشأ في كنف والده الموظف في سكة الحديد، بعدما توفيت والدته بعد وقت قصير من ولادته.
بعدَ إكمال دراسته الثانوية سافر عام 1921 إلى سانتياجو لإكمال دراسته في اللغة الفرنسية، غير أنه غير الوجهة عام 1924 نحو الأدب.
دخل عام 1927 السلك الدبلوماسي، سفيرا لبلاده في بلدان عديدة كالأرجنتين وإسبانيا وغيرهما.
عرف نيرودا بتبنيه التوجه الشيوعي، ولم يزده العمل الدبلوماسي إلا اقتناعا بأن الشيوعية هي الحل لكل المشكلات. ولم يتخل عن هذا الانتماء رغم ما سبب له من مضايقات اضطر معها لتقديم استقالته من عمله.
كانت الحرب الأهلية بإسبانيا دافعه الأكبر للانخراط في العمل السياسي، بعد ما ساوره الخوف على بلاده من نفس المصير. عاد لبلاده عام 1938 وانتمى في البداية لحزب “التحالف التقدمي الوطني”، وعين لاحقا قنصل تشيلي بالمكسيك عام 1939، وبعد أربع سنوات عاد عام 1943، وانتخب لعضوية مجلس الشيوخ، وانضم الى الحزب الشيوعي، وحصل على عضوية اللجنة المركزية للحزب. بعد حظر الحكومة التشيلية للحزب الشيوعي، عُزل من مجلس الشيوخ، ففر إلى الأرجنتين في فبراير/شباط 1949 وانتقل إلى المكسيك ثم إلى فرنسا ومنها إلى إيطاليا، ولم يعد لموطنه إلا عام 1953. ترشح لرئاسة بلاده في انتخابات 4 سبتمبر/أيلول 1970، لكنه انسحب لمصلحة سالفادور أليندي الذي عينه سفيرا في باريس.على المستوى الأدبي والشعري، ظهر نبوغه وتميزه في الكتابة الشعرية في منتصف عقده الثاني، واختار عام 1920 التوقيع باسم بابلو نيرودا. شكلت المرحلة التي قضاها في إسبانيا ومقتل صديقه الشاعر الإسباني فيديريكو لوركا غدرا على يد أتباع الجنرال فرانكو تحولا في توجهه الشعري بالتخفيف من الرمزية والتوجه نحو اللغة المباشرة أكثر، واستعمال لغة ثورية أكثر منها رومانسية، حيث طغى على قصائده الجانب الاجتماعي والسياسي، حتى أصبح يعرف بشاعر الشعب. وصفه الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، بأنه من أفضل شعراء القرن العشرين في جميع اللغات، وقال عنه الناقد الأدبي هارولد بلووم “لا يمكن مقارنة أي من شعراء الغرب بهذا الشاعر الذي سبق عصره”.
المؤلفات
خلف نيرودا إنتاجا أدبيا غنيا، ترجم للعديد من اللغات، مثل ديوانه “20 قصيدة حب وأغنية يائسة” و”مختارة نفايات ورقية” و”إسبانيا في القلب” و”مائة قصيدة حب”، و”أحجار السماء” و”القلب الأصفر”. وفي يونيو/حزيران 2014 أعلنت دار نشر “سيكس بارال” عن العثور على أكثر من 20 قصيدة لبابلو نيرودا لم تنشر من قبل، وذلك حين قامت مكتبة مؤسسة بابلو نيرودا بمراجعة شاملة لصناديق تضم مخطوطات لأعمال نيرودا.
الجوائز
حصل على جوائز نوعية، أشهرها جائزة نوبل للآداب في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1971، وقبلها جائزة السلام الدولية عام 1950، وجائزة لينين للسلام وجائزة ستالين للسلام عام 1953. كما حصل على دكتوراه فخرية من جامعة أوكسفورد.
قصة موته المبهمة
رحل بابلو نيرودا في ظروف غامضة بعد أيام قليلة من انقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه، وإحكام قبضته الحديدية على الشيلي، لكن الرواية الرسمية لنظام بيونشيه تقول إن بابلو نيرودا توفي بسبب إصابته بمرض السرطان. قوبلت هذه الرواية بالرفض وتمت المطالبة بنتائج فحوصات الطب الشرعي للتثبت والتأكد من صحتها، وذهبت رواية أخرى إلى أنه اغتيل قبل مغادرته البلاد. وكان تعرض قبل ذلك لمضايقات من نظام الانقلاب، منها تفتيش بيته بدعوى وجود سلاح وهو ما رد عليه مرة بقوله للجنود “ابحثوا في كل مكان، لن تجدوا عندي أخطر من القصائد”. قال مانويل آرايا السكرتير الشخصي لبابلو نيرودا إنه اغتيل قبل سفره إلى المكسيك بحقنة قاتلة، وتوفي يوم 23 سبتمبر/أيلول 1973 بإحدى المصحات بعد أيام من تلك الحقنة. وذكر شهود أن الاغتيال تم بأمر من بينوشيه حتى لا يتحول نيرودا إلى رمز للمعارضة في الخارج. وبعد أربعة عقود، فتح تحقيق في تلك الوفاة الغامضة، وأخرج رفاته في أبريل /نيسان 2013 لإجراء تحليلات، بناء على شهادة سائق سابق للشاعر قدمها عام 2011 تتحدث عن تسميمه، وفي فبراير/شباط 2015، أمر القاضي المحقق في القضية بإعادة رفات نيرودا إلى مكانه.