أضواء حول مفهوم الطُّفُولَة
يمكن الجزم بأنَّ ” الطُّفُولَة ” تشكل أهميّة كبيرة فِي حياةِ الإنْسَان، بوصفِها أحد أهمّ مراحلها الغنية بالنموّ المُستمرّ وَالتطوّر الملحوظ جسمانيّا وَعقليّا، وَالَّتِي يعيش الطفل خلالها باعتمادٍ كُليّ أو نسبيّ على والديه أو أفراد أسرته الآخرين؛ بالنظر لصعوبة تأديته ما – يفترض أو يودُّ – أَنْ يقوم بِه مِنْ مهام بشكلٍ مُستقلّ كُليّا فِي السنواتِ الأولى مِنْ تلك المرحلة. ويبدو أَنَّ معاجم اللغة مُتّفقةً ” لغة ” فِي تعريفها لمفهوم الطُّفُولَة، إذ إنَّ أغلبَها تشترك فِي هَذَا المسار بتعريف يُشير إليها بوصفِها مرحلة زمنيّة مِنْ حياة الإنْسَان، وَتحديدا أنّ الطُّفُولَة مدة أو مرحلة مَا بَيْنَ ميلادِ الإنْسَانِ وبلوغه. وَالمثيرُ للاهتمام أَنَّ الطُّفُولَة ” اصطلاحاً ” تمثلُ تعريفا يشترك فِيه المعنيان اللغويّ والإصطلاحيّ لها؛ إذ يشير كلاهما إلى كون الطُّفُولَة مرحلة زمنيّة مِنْ عمر الإنسان، تبدأ بولادته وتظهر فيها خصائص مُعيّنة تمتدّ لمدة مِن الزّمن، ليدخل الكائن البَشَريّ بعدها مرحلةً أخرى، فالطُّفُولَة اصطلاحاً هي المرحلة الزمنيّة من عمر الطّفل التي تمتدّ منذ ولادته حتَّى بلوغه، ما يعني أَنَّها مرحلة النشأة البدنيَّة وَتكوين الشخصيّة، لكن اللافت للنظر أنَّ تلك المرحلة مُختلفة الحدود النهائيّة؛ إذ لا يتوفر اتّفاق يحدّد نهايتها بشكل واضح. وَبإمكان الباحثين الاستدلال عَلَى المدة الزمنيّة الخاصة بتلك المرحلة العمريّة مِنْ خلال التمعن فِي تعريف ” الاتفاقيّة الدوليّة لحقوق الطفل “، وَالَّتِي عرّفت الطّفل بوصفِه ” كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المُطبق عليه “. وَبالاستناد إلى تَعريفِ الطفل الَّذِي ضمنته تلك الاتفاقية، يَبْدُو أنَّ انتهاءَ مرحلة الطفولة مرتبط ببلوغ الرشد، وَالَّذِي قد يمتدّ حتى السنة الثامنة عشرة مِنْ عمرِ الإنْسَان كما رجّحته الاتفاقيّة المذكورة آنفا. في حين تُشير أدبيات عِلْم الاجْتِمَاع إلى عدم وجود اتّفاق ثقافيّ تُحدّده الشعوب والثقافات لهذه لمرحلة الطفولة مستندة فِي ذلك إلى اشتراك الثّقافات فِي توصيفها الطفولة كمرحلة عمريّة ” تبدأ بالولادة وتنتهي بالرّشد أو البلوغ دونما تأطير للسنّ الَّذِي يحدث فيه الرشد أو البلوغ “؛ لذا عُرّفت مرحلة الطفولة فِي أدبياتِ عِلْم الاجْتِمَاع بأنّها ” المدة الزمنيّة مِنْ عمرِ الإنْسَان الَّتِي تبدأ بولادته وَتمتدّ حتى رشده، مَعَ اختلافها مِنْ ثقافةٍ لأخرى “، وَأدهى مِنْ ذلك تحديد هذا القاموس نهايتها بـ ” الرشد أو البلوغ أو الزواج أو الاصطلاح على سنٍ يُحدّد نهايتها “. وَفِي السياق ذاته يرى بعض المتخصصين أنَّ مرحلةَ الطفولة قد تمتدّ إلى ما بعد العام العشرين مِن العمر؛ بالنظر لاعتمادهم سن النضج كمعيار لاكتمال النموّ البدنيّ عند أغلب الأفراد. كذلك تشير دراسات عدّة إلى سنَّ الطفولة قد يتفاوت من جيل إلى جيل أو من شعب لآخر؛ نتيجة اقترانها بالنّضج البدنيّ والاعتماد على الذّات في أداء المَهمّات باستقلاليّة الفرد عن بيئته الخاصّة.
فِي أمان الله.