الانتخابات السويدية و الانتصار المر
تابع السويديون التحضير لانتخابات 2018 بقلق سببتها نتائج استطلاعات الراي المتتابعة التي كانت تؤكد كل ارقامها بتجاوز الحزب العنصري ” سفيريا ديمقراط، اس دي ” عتبة 20% وما يزيد احيانا و ادخل هذا الترقب خوفا في نفوس الاجانب و لا سيما العرب و المسلمين منهم لان قادة هذا الحزب كانوا يتوعدون الوافدين الجدد باعادتهم الى بلدانهم في جميع خطاباتهم و مقابلاتهم الصحفية او المرئية. و بذلك لم تعد السويد في مناى عن بروز نشاطات هذا الحزب العنصري ذا الخلفية النازية الجديدة، الذي فعل فعله في بلدان الشمال، الدنمارك و النرويج و فنلندا
كما وقع جزء هام ممن يحق لهم الاقتراع في براثن الدعايات الانتخابية المضللة بادعاء احزاب لانجازات لم يكن لها يد فيها او ممارسة ديماغوجيا على من لم يسبق لهم ان شاركوا في عملية انتخابية
و لم تتورع بعض الجهات و بعض الصحف الصفراء بنشر بعض التلفيقات على بعض المرشحين لارباكهم و دعوة المقترعين ان ينفكوا من حولهم و قد اختلطت احيانا بتدخلات خارجية فظة ضد مرشحين محددين، ساتي عليها بالتفصيل في مقال اخر
و قبل ان نخوض في خضم الانتخابات لهذا العام لا بد من الاضاءة على نتائج الدورة الماضية عام 2014 لناخذ منها العظات و نحاول الدعوة لتفادي الوقوع في ذات المطبات، فنظرة سريعة على تلك النتائج نرى بان:
الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ولديه 113 عضواً
حزب تجمع المحافظين، ولديه 84 عضوا
حزب ديمقراطيي السويد لديه 49 عضواً
حزب البيئة (الخضر)، ولديه 25 عضواً
حزب الوسط، ولديه 22 عضواً
حزب اليسار، ولديه 21 عضواً
حزب الشعب الليبرالي، ولديه 19 عضواً
الحزب المسيحي الديمقراطي، ولديه 16 عضواً
ان الملفت للانتباه بتلك النتائج بان حزب ديمقراطيي السويد الشعبوي ” ذا الخلفية النازية و الذي لم يمنحه المقترعون السويديون حظوظ دخوله الى البرلمان حتى عام 2010 لاول مرة ” قد تضاعف و حل بالمركز الثالث في البرلمان و ان التحالف الاحمر و الاخضر قد شكل حكومة اقلية بعد ان تخلى الحزب الاشتراكي عن حليفه حزب اليسار و لكن حكومة الاقلية هذه سرعان ما وقعت في ازمة حكومية عندما فشلت في تمرير مقترحها للميزانية، بينما نجح اقتراح تحالف اليمين بدعم من حزب ديمقراطيي السويد بالمصادقة على اقتراحهم للموازنة و لذلك جرت الدعوة الى انتخابات مبكرة من قبل الحكومة الاشتراكية، لكن ما لبث ان جرى اتفاق مع احزاب من تكتل اليمين و اضطر الحزب الاشتراكي الى التخلي عن حليفه حزب اليسار و عمل بموازنة التحالف اليميني التي حظيت بموافقة البرلمان و خضع لتغييرات في برنامجه ليس اقلها اغلاق باب الهجرة و الموافقة على اعطاء طالبي اللجوء اقامات مؤقتة بما يعني ذلك من معاناة نفسية و قلق شديدين لدى طالبي اللجوء و عائلاتهم و بما يعنيه ذلك ايضا من حرمان الحاصل على اقامة مؤقته من ان يلم شمل اسرته ، هذا بالاضافة على ابقاء اجراءات حكومة اليمين التي اتخذتها على مدار دورتين انتخابيتين سابقتين حيث حكمت لثمانية سنوات ماضية، الخصخصة في مجال التعليم و الصحة و بيع اجزاء من المساكن المملوكة من قبل شركات عائدة ملكيتها للبلديات الى شركات سكن خاصة التي رفعت بدورها الايجارات بشكل فاحش. ففي هذه الاجواء و زيادة تهديدات الحزب العنصري لتسفير الوافدين الى بلدانهم و بث المزيد من الكراهية للاجانب جاءت انتخابات 2018 فاعطت نتائج اسوا من سابقتها بالعام و لنتفحص تلك النتائج التي حصل عليها كل حزب بمفرده و كلا من التكتلين :-
الاشتراكي الديمقراطي 28.4%
المحافظين 19.8%
ديمقراطيي السويد 17.6%
الوسط 8.6%
اليسار 7.9%
المسيحي الديمقراطي 6.4%
الليبراليين 5.5%
حزب البيئة 4.3%
ان تلك النسب المدونة اعلاه اذا ما ترجمناها الى اعضاء برلمان فنجد ان تحالف الاحمر و الاخضر “الاشتراكي الديمقراطي، اليسار، البيئة “قد حصل على 144 عضو برلمان
التحالف اليميني “المحافظين،الوسط، المسيحي الديمقراطي،الليبراليين” حصل على 143 عضوا
ديمقراطيي السويد ” الحزب العنصري ” حصلوا على 62 عضوا في البرلمان
وتشير الارقام و النسب بان الاشتراكي الديمقراطي لا زال اكبر الاحزاب البرلمانية، لكنه تحصل على انخفاض غير مسبوق لنسبة المقترعين له، و لم يكن حزب المحافظين باحسن حال من سابقه و بالمقابل فان ارتفاع نسبة ديمقراطيي السويد قد جعله بيضة القبان و ان كان قد تحصل على اقل ما توقعت له استطلاعات الراي عشية الانتخابات التي اعطته ما يزيد عن 20% و كما نلاحظ تقدما ملحوظا لحزب اليسار و لحزب الوسط.
ان هذه النتائج و حسب نظام التكليف بتشكيل الحكومات فان من المرجح ان يتم تكليف رئيس حزب الاشتراكي الديمقراطي ، الا اننا نلاحظ بان كتلة اليسار و ان كانت لديها اعضاء برلمان اكثر من التكتل الاخر بعضو برلمان واحد، لكنه لم يحصل هذا التكتل على ما نسبته على الاقل 51% ليضمن استقرارا في اتخاذ قراراته الحكومية دون ان تتعرض دائما على اجهاض مزدوج من قبل التكتل اليميني و الحزب العنصري، الامر الذي خلق لغطا واسعا و حيرة بين المواطنين اجمالا عن شكل الحكومة المقبلة و قلقا لدى المهاجرين و لا سيما منهم الوافدين الجدد تبعا للنبرة العالية في تهديدهم التي سبقت الانتخابات.
والسؤال الاهم بين المواطنين هل من المحتمل ان يتعاون التحالف اليميني مع ديمقراطيي السويد لافشال الاشتراكي الديمقراطي في تشكيل الحكومة؟ و برايي انه احتمال غير وارد رغم ان المحافظين لمحوا الى احتمال ذلك، لكن في هذا التكتل حزبين يرفضان حتى الان بالاطلاق ان يقيموا اي شكل من اشكال التعاون مع الحزب العنصري و هما حزب الوسط و الحزب الليبرالي و بالتالي لا يتمكن المحافظين و ديمقراطيي السويد من تشكيل حكومة بمفردهما. و لذلك لا اعتقد بان المحافظين يمكن ان يقبلوا تلويث سمعتهم بالتعاون مع العنصريين مجانا.
السناريو الاخر ان يشكل تحالف الحمر و الخضر حكومة اقلية و لكن الجميع يعلم بان مثل هكذا حكومة ستكون خاصرتها رخوة و لا تضمن للحزب الاكبر ان يبقى حاكما فتجربة المرحلة الماضية لا زالت شاخصة امامنا فسرعان ما اضطر للدعوة لانتخابات مبكرة.
السناريو الثالث يقوم على اساس تعاون عابر للكتل و قد لمح ستيفان لوفين رئيس الوزراء لذلك في خطاب اعلان نتائج الانتخابات و كذلك صرحت وزيرة الخارجية مارغوت فالستروم المنتمية لذات الحزب الاكبر بقولها:” ان هناك فرصة حقيقية لجعل سياسة التكتل من الماضي ” و لم يبتعد قادة احزاب التكتل اليميني عن هذا السيناريو فقد دعوا الى اجراء حوار مع لوفين.
و انني اعتقد في كل الاحوال لا بد من الدعوة الى شد الاحزمة لاننا سنشهد مزيدا من تطبيقات افكار و برامج اليمين و خاصة في مجالات التعليم و الصحة و السكن و بان كل الدعايات الانتخابية لبعض الاحزاب باعادة النظر من بعض القضايا بما فيها الغاء القرار بالاقامات المؤقتة لصالح الدائمة و اذا ما جرت الاستجابة لتخفيض الضرائب فاية خدمات حكومية سيجري تقليصها او الاستغناء عنها، الايام قادمة سريعا و سنرى بركات هذه النتائج
ولكنني ارى سلفا بان علينا ان نشحذ الهمم و نشمر عن سواعدنا بعيدا عن اي شكل من اشكال العنصرية او اي سلوك يغذي نهم العنصريين الى بث مزيدا من الكراهية، لاننا سنخوض الصراع في الشارع على جبهتين الاولى في مواجهة المد العنصري الذي بدا يستشري في المجتمع و الجبهة الاخرى لحماية و المحافظة على المكاسب الشعبية التي تحققت في مجال رفاهية المجتمع و هذا لن يؤتي اكله الا بالاصطفاف خلف القوى ذات البرامج الجذرية الحريصة على الفئات الاجتماعية الاوسع كي لا يزداد فقرها فقرا و البدء بالعمل منذ اليوم اعدادا لانتخابات قادمة تاركين خلفنا الموسمية المقيتة في العمل.