هل تسعى نحو أهداف صعبة المنال ؟ هل تتبنى وجهة نظر غير واقعية ؟ هل تشعر بالفشل و الخزي لأنك لم تحقق ما لا يمكن أنجازه ؟
فهم الدوافع إلى الكمالية تعد الخطوة الأولى لتحريرنا من هذه الهواجس التي تبقينا أسرى .
-الخزي و الخوف
غالبا ما يكون الخوف و الخزي الدافعان الخفيان وراء الكمالية . إذ إننا نؤمن بأن خلق شخصية جذابة أو إنجاز بعض الأهداف الصعبة و الكبيرة يمكن ان يقينا نقد او سخرية الاخرين . فنعتقد دائما أن أستخدام ذكائنا او خلق حس للدعابة يميزنا او اللجوء الى استعراض جمالنا الظاهري , يجعلنا نفوز بأحترام و قبول أكثر من الاخرين . أيضا يدفعنا الى الكمالية الخوف الكامن من الفشل او الرفض أذ يكون هذا الخوف بمثابة حماية لنا تجنبنا أي أشارة أو أيحاء لنقص او عيب نعاني منه.
على سبيل المثال ما يظهر على السياسيين اليوم من هوس أن يكونوا دائما على صواب فنجدهم يرفضون نقد او مخالفة لأرائهم أو الأعتراف بأخطائهم , و ذلك غالبا ما يكون نابع من شعور خفي بالخزي , لذا فهم يتجنبون الاعتراف بمثل هذه الثغرات التي قد تكشف ضعفهم, فنجدهم يتمسكون برغبة متغطرسة في ان يكونوا دائما على حق و لامعين و مثاليين.
غير مدركين بأن القوة الحقيقية تكمن في أمتلاك الشجاعة للأعتراف بأننا لسنا آلهة!
-التعرض لخيبات الأمل
عندما يكون تقييمنا و تقديرنا لأنفسنا مبني على حجم أنجازاتنا أو أنتاجيتنا , فأن ذلك سيؤدي بنا أن نكون عرضة للشعور بخيبة الأمل .لأن أخفاقنا في الوصول إلى بعض الأهداف غير الواقعية قد يؤدي بنا الى الأصابة بالقلق أو الأكتئاب , أو توجيه اللوم الى الأخرين , لأننا نفتقر إلى القوة الكافية لتحمل مسؤولية أفعالنا.
أما أذا ما نظرنا لأنفسنا على أننا بشر لنا مواطن القوة و الضعف فذلك سيحد بالتالي من حاجتنا الدائمة الى الشعور بالأفضلية أو التميز لكسب الحب و الأحترام من المحيطين.
-العيش في المستقبل بدل الحاضر
الكمالية تجعلنا دائمي الميل الى المستقبل , فنستمر بتقييم أنفسنا وفق ما سنقوم به أو ننجزه في المستقبل . بالتأكيد لا يكمن الخطأ في التخطيط للمستقبل أو رغبتنا في التحسين من ذواتنا على طول مسار تجربتنا الحياتية . و لكن شرط أن لا يحرمنا ذلك من الأسترخاء و الأستمتاع باللحظة الراهنة.
حيث يدفعنا نشدان الكمال الى التركيز في كل جزئية من العمل و بالتالي الأصابة بفرط التفكير و الترقب مما يؤدي بنا إلى خسارة عفويتنا فنصبح أقرب للتصنع و الجدية الدائمة و القلق , مما يحرمنا متعة الأستمتاع بأن نكون أنفسنا دون الخوف من أن يحكم علينا الأخرون او يوجهوا النقد لما يصدر عنا من سلوكيات.
-تجنب المجازفة
تقودنا الكمالية إلى تجنب المجازفة أو خوض المغامرات و بالتالي نبتعد عن الأنشطة و الفعاليات التي يمكن أن تسبب لنا الشعور بالحرج أو الرفض من الأخرين , على سبيل المثال قد نتجنب الذهاب لموعد ما أو البدء بأخذ دروس في تعلم الموسيقى أو الرغبة في أستبدال ممارسة روتينية معينة . لذا نلجأ الى التسويف و المماطلة خوفاً من عدم أتقاننا للمهمة الجديدة أو أمكانية الأخفاق , فأن شعارنا الأساسي هو البقاء حذرين و اللعب بأمان , لذا فأننا نعيش حياة مقيدة.
علاج الكمالية
إن علاج او مضاد الكمالية يكون بأدراكنا أن الأخفاق في أي مشروع أو عمل لا يعني بالضرورة أننا فاشلون . فبغير هذه الأخفاقات لن نتعلم من أخطاءنا , و لن نمضي قدماً في حياتنا.
فكل الذين نجحوا من قبل قد أرتكبوا أخطاء لا حصر لها حتى حققوا ذلك النجاح. كل ما يهم هو أن نتعلم كيف نغفر لأنفسنا و نمضي قدماً , فأن تكون أنساناً كاملاً ذلك أمر محال.
و لكن أستبدال النزعة الى الكمال برغبة حقيقية في قبول أنفسنا كما هي يعد البداية في طريق الشفاء من الخزي الكامن و الدافع لنا نحو الكمالية .
محاولة أنتشال ذواتنا من الرغبة الدائمة في حماية الصورة الكاملة لأنفسنا أمام الأخرين سيؤدي إلى إطلاق سراحنا للتنقل بمرونة و سلاسة بين نجاحاتنا و أخفاقاتنا و الأستمتاع بحياة كريمة.
مجلة psychology today