أهميَّة قِطاع التعليم العالي
يمكن القول إنَّ سعةَ الاهتمام الذي حظي به قِطاع التعليم العالي من لدى القيادات الإدارية، مرده بحسب ما ظهر مما تباين من الدراسات العلمية، ولاسيما الاقتصادية منها إلى أثر هذا القِطاع في عملية البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فضلًا عن إيجابيات مخرجات فعاليات الاستثمار فيه على طبيعة النمو الاقتصادي. كذلك أفضى ظهور اقتصاد المعرفة إلى جذب انتباه إدارات التعليم العالي والحكومات في الكثير من بلدان العالم لأهمية التعليم العالي ودوره الفاعل في مهمة تعزيز مكانة تلك البلدان ما بين دول العالم الأخرى, وهو الأمر الذي ألزم الإدارات المذكورة آنفًا وبتشجيع ودعم حكوماتها السعي الحثيث لتطوير منظومة التعليم العالي، وما يحيط بها من جهات ساندة؛ لأجل المساهمة في تطوير آلياتها.
مِنْ نافِلة القول إنَّ للتعليمَ العالي دوراً مميزاً في المعاونة بإكساب الفرد ما بوسعه – من مختلف العلوم والمعارف والمهارات والقدرات – تأهيله دخول سوق العمل والتأثير فيه بشكل إيجابي. ومن البديهي أنَّ المهمةَ المنوه عنها آنفًا تلزم الإدارة الجامعية الحرص على الارتقاء بمستوى التعليم الجامعي وترسيخ ما متاح لها من الإجراءات التي بمقدورها المساعدة على تحقيق جودة التعليم الأكاديمي، والتي من بين موجباتها تكريس المحاولات التي من شأنها تطوير المناهج التعليمية وتكييفها بما يجعلها في حالة توائم مع متطلبات سوق العمل المحلي، فضلًا عن الركون إلى اعتماد طرق تدريس فعالة تعبر عن اهتداء الإدارات الجامعية لسياسات تربوية مؤثرة، واستعدادها تعديل ما يتطلب منها؛ بحكم التحولات التي قد تمر بها مجتمعاتها.
لعلَّ ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق هو ما يفرض على تلك الإدارات من مهمة تتعلق بوجوب تمكين التدريسي في الجامعات والمعاهد، ولاسيما العمل الجدي لتذليل ما قد يواجهه من صعوبات، إلى جانب الاهتمام بحسن اختيارهم والسعي لتدريبهم بشكل جيد قصد رفع كفاءتهم وتنمية قدراتهم، والذي يملي عليها التمسك بمتابعة جودة خدمة التدريسي التعليمية عن طريق معرفة كفاءته المهنية وقياسها بالاستناد إلى المعايير العلمية المعتمدة، بوصفه أحد أهم مدخلات العملية التعليمية، الأمر الذي يفرض على التدريسي ذاته، الاهتمام ببرامج التعليم المستمر، فضلًا عن المبادرات الذاتية التي بمقدورها معاونته في مهمة زيادة معرفته العلمية. ويضاف إلى ذلك تشبثه بالتعرف على أحدث الطرائق المعتمدة في التدريس من أجل تدعيم مهمته في إعداد الطلاب المنتظمين في الكليات والمعاهد؛ بغية النهوض بالمستوى الفكري والثقافي وتنمية وتطوير قدراتهم، فضلًا عما بوسعه ضمان فاعليتهم وتأثيرهم في المجتمع.
خلاصة القول إنَّ التعليمَ العالي يُعَدّ أحد أبرز القنوات الرئيسة التي من شأنها تكريس السبل الكفيلة في التعريف بقضايا الوطن التي تأخذ حيزًا واسعا من اهتمام الرأي العام، وتنمية الوعي الثقافي ما بين أبناء المجتمع، إلى جانب تمكين الطالب من الابتعاد عن العشوائية في اتخاذ القرارات، ولزوم تفكيره بطرق سليمة النتائج. ويضاف إلى ما تقدم دوره الهام في تعليم الطلاب أساليب الحوار وآدابه، وزيادة القدرة على الاستيعاب، فإدارة التعليم العالي معنية بالأساس في تنمية عقول الطلاب التي تشكل الركيزة الأساسية في تحقيق التنمية على الصعد كافة.
في أمان الله.