رحلتي الى فيتنام. . . الجزء الثاني
قد تكون الصورة النهائية تشبه تماما السيناريو الذي تم إعداده، لكن النهاية تختلف تماماً.
أنسحب الامريكان من جنوب الارض الفيتنامية مدينة ( سايغون ) وأطرافها، والتي تعتبر من أكبر المدن الفيتنامية , والتي سميت بعد التحرير مدينة ( هوشي منه ) . تيمنناً بالقائد الشيوعي (هوشي منه) الذي دخلها محرراً عام ١٩٧٦.
مدينة (هوشي منه) يعيش بها أربعة ملايين نسمة، في الوقت الذي يعيش بالعاصمة الفيتنامية (هانوي) ثلاثة ملايين نسمة، وتعبر مدينة (هوشي منه) عصب الاقتصاد الفيتنامي بما تتمتع به من تنمية اقتصادية وصناعية وزراعية جعلت منها ملتقى للتبادل التجاري والاستثمارات التي تعد بطيئة جداً تناسباً مع الطفرة السكانية الكبيرة جداً.
السؤال هو أن يكمن الشبه ما بين الصورة النهائية لمام تم إعداده والحقيقة الواقعة على الأرض؟ وكيف اختلفت النتيجة في الحالة العراقية؟
أنسحب الامريكان من الجزء الشمالي الفيتنامي تماماً عام ١٩٧٣, لحفظ ماء وجههم وللتغطية على هزيمتهم النكراء، وقد أبرمت اتفاقات دولية عبر مفاوضات قادها السوفييت والصينيين، بعد أن شكلوا حكومة محلية مرتبطة بهم وقد تم تكبيلها باتفاقيات وعقود وقروض والتزامات طويلة الأمد، تماماً مثلما أنسحب الامريكان من أرض العراق ٢٠١١ . وتركوا البلد ممزقاً بالفساد، الذي نتج من بذرة الطائفية بعد أن بذروها بعناية شديدة.
في فيتنام قام الحزب الشيوعي الفيتنامي بتعبئة الناس على أسس وطنية حول مأسي الاحتلال وأضراره ونتائجه مستقبلاً على سمعة البلد وبنائه، وقدموا خيرة شباب البلد لسنوات عصيبة لحين هزيمة كاملة لعملائهم عام ١٩٧٦ , لتصبح فيتنام واحدة موحدة تحت لواء الشيوعيين.
ترى في المدن الفيتنامية كثافة البشر وازدحام الشوارع بالمارة والبائعين وراكبي الدرجات النارية من الصباح الباكر الى نهاية اليوم، حركة دائمة وديناميكية، الاحياء والازقة متداخلة بين شارع نظيف ومشجر ومرتب ومحلات لكبرى الماركات، يخترقه شارع بائس وباعه على الرصيف بين أكوام النفايات.
لم يصادفنا طيلة تجوالنا ورحلتنا متسولون في الشوارع يطلبون الرحمة، رغم إشارات الفقر التي تلمسها على سنحات الناس، ربما الأمر يعود إلى مفهوم العمل والعطاء والكد أساسيات العيش والتواصل مع الحياة.
اليوم .. بالصدفة دخلنا دائرة بريد مركزي كبير في مدينة هوشي منه .. لفت انتباهي حالاً صورة كبيرة معلقة في واجهة مدخل البناء للقائد الشيوعي (هوشي منه) . ورأيت أيضاً دهشة السياح من خلال وقوفهم بانتظام أمام الصور، ويلتقطون له صور وهي المرة الاولى التي أشاهد بها هذه الصورة.
في أغلب المدن الفيتنامية التي زرناها من (هوشي منه) صعوداً الى دلات مروراً بفانيت و منيه، تجد البساطة والتواضع والابتسامة على الوجوه مرسومه بمستقبل قادم، الناس في الشوارع والفنادق والمطاعم وسيارة التاكسي يتعاملون معك بكل ود واحترام، وضع الأمان عالي جداً تشعر به من خلال التفاصيل اليومية والحياتية للفيتناميين .