بادى
بادى
يا نفحة الطين في أرض الأجدادِ
يا لحد يضم أمي بين تراب التل والزادِ
بادى ، قبلة الميلاد بعد الميلاد
ورحيق زهد بين جياع الأحفادِ
تكسو الأشجار ظلها وثوب الجنان
يفوح نقاء وجمالا بلا حسادي
بادى
نفحة الأجداد دارت فوق مدار
وحقول في ربوع الغربة تنادي
أين الأصيل والكريم والمقيم
أين من زرع الجبل والسهل والوادي ؟
*********
أمي يا نسمة الروح في حقل بديع
اغتصبوا أرضك زورا فوق الإشهادِ
ختموا على الأوراق بدم بارد
وتفاخروا بالجهل والوهن والفسادِ
عذرا يا أمي ، هم أهلك ، عشيرتك
وأقربائك اشتركوا بحصص الصيادِ
جعلوا السحت مفخرة للأجيال
رغم زيارتهم للكعبة ، قبلة الإسنادِ
مظاهر تجلت بين غني وفقير
وظالم ومظلوم تحت راية الجلادِ
***********
نعم يا أمي يا سيدة النساء
صلة الرحم ولًت هاربة من الزنادِ
الشريف من يأكل لحم أخيه حيا
والكريم يعد ماله بلا آلة تعدادِ
والقريب يخشى زيارة القريب
خوفا من أن ينقص شيئا من الزادِ
رحلت الطيبة والحنان والرحمة
وخبز التنور الحار وفجر الجوادِ
*************
ماذا أقول يا أمي عن بادى
تركت ذكريات بين الأيادي
ذكريات مشروخة بحب الذات
وصراعات على شبر تراب العبادِ
ماذا أقول يا أمي وقبرك هنا وحيدا
هل تسمعين صوتي وبكائي البادي ؟
حملت معول الكلمات في قلبي
وزرعت شمائل الحب الهادي
وقلت للنساء : أمي سيدة النساء
هي أجمل الآيات ونور إرشادي
هي الحب والحنان والرفعة والجنة
هي قدري وحبي وحضن ميلادي
***********
ماذا أقول يا أمي عن بادى
كان الوقار سيد السادات
وأصبح الوقار في خطوط سادِ
لم يبقى النسر عاليا في الفضاء
بعد نزيف بلد كباقي البلادِ
لم يعد التاريخ مفخرة كما كان
ولم تعد الملاحم تحت المدادِ
تفرق البنون وشاخ الوالد والوليد
من حرية زائفة وحقوق الأجسادِ
والعدل أصبح صورة معلقة
على جدران وأعمدة بلا اعتمادِ
***********
آه وآه يا أمي ماذا أقول ..
الحرب دمرت بيتي وتركته كالرمادِ
ولجأت لأهلي فلم أجد أحدا
سوى منفى يلم هزيمة الأحفادِ
فلا حبيب ولا قريب ولا خل
سوى قلم ينزف حبا لإسعادِ
هكذا يا أمي بين الغيوم السود
مررت على قبرك في بادي
هي اختصار لنبع الأماني
وقدر أحلامي وميلادي وميعادي
************
بادی : اسم قرية جميلة تابعة لمحافظة دهوك وهي مكان ولادة أمي … سميت بذلك لأن المنطقة تهب فيها رياح شبه دائمة … لذا قيل: بادی وهي مفردة كوردية ، أي (تهب الرياح ) هنا . ( با ) رياح و (دی ) مخففة من (دهيت) بمعی تأتي وتهب. ” توضيح من الدكتور حميد بافى “