محطات في حياة الدكتور خليل عبد العزيز
نشر الدكتور إبراهيم خليل العلاف بتاريخ 16 /10 /2018 موضوعا في الحوار المتمدن تحت عنوان محطات في حياة الدكتور خليل عبد العزيز. وكان استعراضا لكتابي الصادر هذا العام (2018) عن دار سطور في بغداد بذات العنوان.
وأورد فيما يلي ما كتبه الدكتور إبراهيم وتعليقي عليه.
محطات في حياة الدكتور خليل عبد العزيز
والذي هو بين يدي الان ، وقد وصلني عبر (مكتبة حسام الدين ) في شارع الدكتور محمود الجليلي بالمجموعة الثقافية ، كتاب بعنوان : (محطات من حياتي ) للدكتور خليل عبد العزيز القيادي الطلابي الشيوعي الموصلي المحكوم بالإعدام بعد فشل حركة الشواف في الموصل 1959 الدكتور خالد عبد العزيز ، وكان يعمل رئيسا لاتحاد الطلبة العام في الموصل 1959 ، واتهم بالقتل وحكم بالإعدام بعد احداث السحل في الموصل ، والدكتور خليل عبد العزيز هرب واستقر في موسكو ، وحصل على شهادة الدكتوراه في الاعلام ، وابتدأ صفحة جديدة من حياته باحثا في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية في موسكو ويعيش حاليا في العاصمة السويدية ستوكهولم .
الدكتور خالد عبد العزيز تحدث لي عنه الاخ الاستاذ مثري طه العاني الذي خلفه في رئاسة اتحاد الطلبة العام في الموصل، وقال انه من مواليد الموصل 1930، وقد اسهم في الحركة الوطنية ضمن صفوف الحزب الشيوعي منذ سنوات الخمسينات من القرن الماضي وانه من الاكراد الكويان ، وانه من الذين اسسوا الاتحاد العام للطلبة العراقي في الموصل وصار رئيسا له .
كما ان خالد عبد العزيز شارك في انتفاضة 1952 ، وفي سنة 1954 اصبح ممثلا للطلبة في لجنة (الجبهة الوطنية ) التي كانت قد شكلت آنذاك وخاضت الانتخابات النيابية .وقد شارك في التظاهرات التي قامت ضد نوري السعيد رئيس الوزراء بسبب حله مجلس النواب ، وانه اصبح عضوا في اللجنة العليا لاتحاد الطلبة العام كما عمل في تنظيمات الطلبة التي تعود للحزب الشيوعي العراقي .
وقد اعتقل سنة 1956 وصدر قرار المجلس العرفي بالحكم عليه بالحبس لمدة عام قضاها في سجن بعقوبة .
كما ابعد لمدة سنة الى مدينة بدرة الحدودية التابعة آنذاك للواء الكوت ( محافظة واسط حاليا ) ، وسيق بعد ذلك مع عدد من الطلاب الى معسكر ضبط في الشعيبة في البصرة لأداء الخدمة العسكرية وفصل من الدراسة واستمر الامر هكذا حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 .
وبعد قيام ثورة 14 تموز 1958 ، عاد الى الموصل واصبح – كما قلنا – رئيسا لاتحاد الطلبة العام ، وعندما قرر العقيد الركن عبد الوهاب الشواف اعلان تمرده على الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 ) في 8 اذار 1959 اعتقل العديد من القادة الشيوعيين ومنهم خليل عبد العزيز رئيس اتحاد الطلبة العام واودع المعتقل في الثكنة الحجرية لكن بعد مقتل الشواف بعد ان قصفت الطائرات الحكومية مقره ، فشلت الحركة فقام ضباط وجنود كتيبة الهندسة وكانوا من انصار الزعيم بإطلاق سراح المعتقلين الشيوعيين واسهم هؤلاء في قمع من كان مع الشواف وقتلهم وسحلهم وتعليق جثثهم على اعمدة الكهرباء وقد شاهدت بنفسي ذلك وكنت تلميذا في الابتدائية واختل الوضع في الموصل وسادت الفوضى ، وتشكلت المحكمة برئاسة عبد الرحمن القصاب مسؤول اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في الموصل واعدم عدد كبير من ابناء الموصل وكان خليل عبد العزيز كما تظهر صوره الى جانب عدد من اعضاء هذه المحاكم وهي منشورة ومعروفة وبعد ذلك ارسل الزعيم العقيد الركن حسن عبود ليتولى الامر بعد العقيد الشواف آمر موقع الموصل وعين صديقه المقدم اسماعيل عباوي مديرا لشرطة الموصل فهدأت الاوضاع واستقرت في الموصل شيئا فشيئا .
أُتهم خليل عبد العزيز بالمشاركة في القتل وحكم عليه بالإعدام مع عدد من الشيوعيين ، لكنه نجح في الفرار الى خارج العراق وظهر في موسكو وبدأ حياة جيدة كما قلنا وتعلم اللغة الروسية وحصل على الماجستير في كلية الصحافة -جامعة موسكو عن رسالته حول ( الحزب الوطني الدمقراطي ) بزعامة كامل الجادرجي والمؤسس منذ سنة 1946 .ثم حصل على الدكتوراه وعمل مع المستشرق السوفيتي غفوروف وساعد عدد كبير من الطلبة العراقيين في انجاز اطروحاتهم ومنهم فاضل البراك الملحق العسكري العراقي في سفارتنا بموسكو والذي كتب عن حركة رشيد عالي الكيلاني 1941 .
نقرأ في كتابه هذا جانبا من ذكرياته التي تحتاج الى تدقيق ، ومقارنة مع غيرها من المصادر ، وتحليلها لإثبات مصداقيتها ؛ لكن الرجل كتب من وجهة نظره ، ووفق قناعاته ما يراه مفيدا له سواء في حياته في الموصل او بعد وصوله موسكو .
وكما يقول الناشر ان الرجل ما انفك يمسك بتلابيب فكره ويدفعه للبقاء في تلك العوالم فيتذكر جزئياتها ودقائقها وكأنه يعيش لحظاتها بكل تلك الحيثيات المكدرة منها او المفرحة وهذا من حقه كإنسان ناضل واجتهد وتعب وتعرض للكبد والمعاناة لكنه دائما ما نجده يحاول ان يقدم تجربته للآخرين بما له فيها وما فيها عليه لربما تفيد الناس وتفيد الشباب ولربما يجد فيها المؤرخ ما يساعده على فك الغاز الماضي أو حل طلاسم ما جرى في تلك الايام الحالكة على الجميع فليس ثمة من انتصر وليس ثمة من هزم فالمعارك وليدة ظروفها والدرس الوحيد الذي يجب ان نستفيده هو ان الصراعات السياسية بين الاخوة : اخوة يوسف لن تجدي نفعا ولن تفيد احدا .
طبعا في الكتاب معلومات ، وتفاصيل كثيرة عن مساعدة الكاتب المصري الكبير الاستاذ محمد حسنين هيكل له عند تحضيره للدكتوراه ومعرفته لأستاذ الصحافة المصري الدكتور خليل صابات ولقاءه عدد من الصحفيين السوفييت منهم ايكر بلاييف وكان مندوبا عن جريدة الازفستيا وقد زار الموصل اثناء حركة الشواف وقال انه التقى به في الموصل بصحبة عبد الرحمن القصاب احد قادة المقاومة الشعبية في الموصل كما يقول عنه في الكتاب.
وكان بلاييف يعمل مراسلا لجريدة برافدا السوفيتية ويتحدث عن كتابته المقالات باللغة العربية لوكالة نوفوستي للانباء وقال انه كتب بحدود 800 مقالة لهذه الوكالة لوحدها وقال ان اطروحته للدكتوراه كانت عن (قانون الصحافة في مصر الصادر سنة 1961 ) في كلية الصحافة – جامعة موسكو ايضا .
ومن الطريف ان ذلك تم بين 1969-1970 واستضافته الحكومة المصرية على حسابها لاكمال دراسته واحد من ناقشوه في الدكتوراه الاستاذ ميرسكي الباحث في معهد الاقتصاد الدولي والعلاقات الدولية بموسكو .
طبعا هناك معلومات كثيرة تتعلق بزيارته للعراق ولقاء الرئيس الاسبق احمد حسن البكر وحديثه عن سوريا حافظ الاسد وعن اليمن الجنوبي وكثير من الامور التي لا يتسع المجال لتناولها في هكذا حيز ، ولابد لمن يريد ان يطلع على التفاصيل العودة الى الكتاب فهو قيم مهم وفيه معلومات جمة ومفيدة .
تحياتي للأخ الدكتور خليل عبد العزيز وتمنياتي له بالعافية والعمر المديد .
تعليق على استعراض كتاب -محطات في حياة خليل عبد العزيز
ابتداءً أقدم شكري للأخ الدكتور العلاف لاهتمامه بقراءة واستعراض كتابي، وفي الوقت ذاته لا بد لي من ذكر بعض الملاحظات على ما ورد في مقاله.
أؤكد هنا إن تسمية مؤامرة الشواف جاءت في الوثائق الرسمية للحكومية على الأحداث المأساوية التي جرت عام 1959 والتي قادها العقيد عبد الوهاب الشواف.
كما أود الإشارة إلى إن الأستاذ متري طه العاني، الذي حدده الدكتور العلاف “كخليفة” بعدي في رئاسة اتحاد الطلبة العام في الموصل، لم يكن صحيحا على الإطلاق، إذ أن من تسلم رئاسة الاتحاد من بعدي كان السيد حازم جميل.
إن المعلومات التي قدمها السيد متري عني كانت جد خاطئة ومجافية للواقع، فأنا من مواليد 1934 ووالدي ووالدتي من عشيرة هماوند، التي تقطن محافظة السليمانية وليس كما ذكر بأن انتسابي كان لعشيرة الكرد الگويان.
أما ما ذكره عن تشكيل “المحكمة القصابية” برئاسة السيد عبد الرحمن القصاب، وإشارته بأن الأخير كان مسؤولاً عن اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في الموصل، فهو ليس خاطئاً فحسب بل ومجافيا للحقيقة تماماً، وتكراراً للتلفيقات والأكاذيب والاختلافات التي رافقت تلك الفترة والتي روج لها حينذاك أحمد سعيد، المذيع المهرج في إذاعة صوت العرب المصرية، التي كانت تبث من القاهرة وتروج الأكاذيب وتساند مؤامرة الشواف. وللتاريخ والحقيقة أؤكد بإن مثل تلك المحكمة لم تنصب أو يكون لها وجودا أصلا، لا في موقع الحدث وطيلة أيامه ولا في أي مكان آخر. وبالتالي، فإن اتهامي والقول بأني كنت عضوا في تلك المحكمة المزعومة يجافي الحقيقة وبعيد جدا عن الواقع. كما إن عبد الرحمن القصاب لم يكن مسؤولا عن اللجنة المحلية في الموصل، بل كان عضواً فيها.
وحقيقة الآمر هي أن عبد الرحمن القصاب وأنا كنا ندير سير المعارك ضد المتآمرين من أعوان الشواف من داخل مركز الشرطة العام في مدينة الموصل، ونعطي توجيهاتنا وكانت في مجملها وبإصرار وتأكيد ضرورة القبض على المتآمرين وعدم قتلهم ليتم بعد ذلك تقديمهم إلى المحكمة العسكرية في بغداد ليكونوا أمام محكمة الشعب التي كان يترأسها الشهيد فاضل عباس المهداوي. ففي هذه المحكمة يمكن أن تتكشف للشعب نوايا المتآمرين وارتباطاتهم الخارجية، العربية منها والدولية.
لقد ثبت بما لا يقبل الشك وبالوثائق الدامغة بإن مؤامرة عبد الوهاب الشواف كانت ممولة بالسلاح والمال ومدعومة إعلاميا بإذاعة موجهة وصلت إلى الموصل عن طريق سوريا وبتدخل مباشر من الجمهورية العربية المتحدة برئاسة جمال عبد الناصر، وأشرف على العملية وزير الداخلية السوري عبد الحميد السراج.
أعتقد، كان من المناسب للدكتور العلاف، وهو الأستاذ المؤرخ، أن يتوخى الدقة والحذر في مثل هذه الوقائع والبحث عن الدلائل والقرائن بشكل علمي ومحايد ليصل المرء في النهاية إلى الحقائق دون التباس وتشويش، لاسيما وأن أبحاث الدكتور العلاف تقرأ من قبل طلبة وباحثين ومهتمين بالوقائع الفعلية والموثقة.
إن عدم التدقيق في مقال الدكتور العلاف يبرز أيضاً في تسميتي خالد عبد العزيز مرة وخليل عبد العزيز مرة أخرى، إضافة إلى وجود ارتباك في تركيب الجمل، حيث ظهر وكأنه ينسب الثمانمائة مقال التي كتبتها أنا وقدمتها لوكالة نوفوستي، إلى السيد بلاييف. لذا أشير مرة أخرى لضرورة توخي الدقة في مثل هذه الكتابات كي لا يلتبس الآمر على القارئات والقراء الكرام.
أخيرا أقدم شكري وأعبر عن تقديري للدكتور إبراهيم العلاف لاستعراضه كتابي ووصفه بالقيم والمهم والحاوي على معلومات جمة ومفيدة. لذا أقدم له الامتنان والتقدير لاهتمامه ودعوته لكتابي.