رفاق عزيز محمد يكتبون عنه
عزيز محمد السكرتير الاسبق للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في سطور
تواردت الاخبار بعد ظهر يوم الاربعاء 31 / 5 / 2017 من مدينة اربيل حول وفاة عزيز محمد السكرتير الاسبق للحزب الشيوعي العراقي، للفترة 1964 ــ 1993، عن عمر يناهز 93 عاما، وكعادة العراقيين بدأ تداول وانتقال الخبر بينهم عبر طرق التواصل المختلفة مع هالة من المديح والاطراء للراحل جعلت منه اقرب ما يكون الى الالهة والقديسين والانبياء، من خلال ذاكرة عراقية تواردت الاخبار بعد ظهر يوم الاربعاء 31 / 5 / 2017 من مدينة اربيل حول وفاة عزيز محمد السكرتير الاسبق للحزب الشيوعي العراقي، للفترة 1964 ــ 1993، عن عمر يناهز 93 عاما،
وكعادة العراقيين بدأ تداول وانتقال الخبر بينهم عبر طرق التواصل المختلفة مع هالة من المديح والاطراء معطوبة ومشوهة بقصد او دون قصد، وبالتالي انهال علينا الطبالين والمزمرين والمداحين والمتملقين بعشرات التقارير والمقالات عن التاريخ النضالي والانجازات الوطنية والحزبية الفذة للراحل, واكمالا للصورة ادرج هنا بعض المحطات من حياته، وما خفي كان اعظم، ليطلع الجيل الصاعد من الشيوعيين واليساريين وغيرهم على الحقيقة وفقط الحقيقة، والتي يتجاهلها البعض لغرض في نفس يعقوب ولتحريف الوقائع تماشيا مع المصالح الشخصية وسوء النفس البشرية وازدواجية الشخصية العراقية .
عزيز محمد وحسين سلطان
حسين سلطان يكتب عن فترة قيادة عزيز محمد للحزب الشيوعي العراقي *
في اجتماع آب عام 1967 أنتخب عزيز محمد سكرتيراً أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي. وفي ذلك الاجتماع أقر تقرير سياسي وقرارات أخرى تتعلق بالأمور التنظيمية .
لماذا اختير عزيز محمد لهذا المنصب ؟
على ما أعتقد ان عزيز محمد اختير لهذا المنصب لكونه لم يدخل في صراعات فكرية مكشوفة طيلة حياته الحزبية، وكان طابعه العام يميل الى المصالحة من خلال ايجاد الحلول الوسطية ــ التوفيقية ــ هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان أغلبية الكوادر والقادة الأكراد نجوا من حملة انقلاب شباط عام 1963، حيث كانوا في منطقة كردستان، في حين أغلبية الكوادر والقادة العرب الشيوعيين صفوا جسدياً، أو معنوياً خلال ذلك الانقلاب .
بالاضافة الى ان عددا من قادة الحزب كانوا منحّين عن اللجنة المركزية وفي اجتماع آب أعيد اعتبارهم، فلم يكن من الممكن تقديم أحدهم لهذا المنصب بسب ترسبات الماضي ولما كان ( أنور مصطفى ) وهو عبد السلام الناصري، مرشحاً للمكتب السياسي، وعزيز محمد هو عضو كامل فيه، فهذا الأمر رجح تقديم عزيز على عبد السلام الناصري .
هذه هي الأسباب التي جعلت عزيز محمد يكون القائد الأول في الحزب الشيوعي العراقي. واذا أخذنا تاريخ عزيز محمد وحياته الحزبية منذ دخوله الى الحزب والى أن صار سكرتيراً أولاً للجنة المركزية، يكون في حقيقة الأمر غير مؤهل لأشغال مثل هذا المركز المهم في حياة حزب جماهيري، يتصدر نشاطات الطبقة العاملة وجماهير الفلاحين وكل القوى الوطنية والديمقراطية ألا وهو الحزب الشيوعي العراقي وتاريخه المجيد .
من هو عزيز محمد ؟ وما هو تاريخه الحزبي ؟
عزيز محمد ترعرع في عائلة فلاحين في أحدى قرى اربيل. انتقل مع أمه الى مدينة أربيل، وهنالك جرت له صلات مع الأحزاب القومية مثل شورش وهيوا، وبعد ذلك انتقل الى الحزب الشيوعي عام 1946 وعمل في أحدى خلايا الحزب. وعندما ألقيّ القبض على الرفيق فهد وحازم وحل في مركز القيادة يهودا صديق ومالك سيف، حاول هؤلاء أن ينقلوا مكان المطبعة وتبديل العاملين فيها. وطلبوا من فرع الشمال أن يختار عائلة غير معروفة في الوسط الحزبي ونقلها الى بغداد. ولهذا وقع الاختيار على عزيز محمد وأمه. ونقل الى بغداد وسكن بيت المطبعة في عام 1947 وكان عمره الحزبي لا يزيد على سنة واحدة. ولم يمارس أي نشاط حزبي سوى وسيلة غطاء على كادر الطباعة كونها عائلة تسكن هذا البيت أمام الناس المحيطة به. وبقى عزيز محمد وأمه في هذه المهمة أقل من عام واحد، حيث انهار مالك سيف ويهودا صديق، عام 1948 وغدروا بكل الكوادر والأجهزة، وكان من ضمن تلك الأجهزة بيت المطبعة ومن فيه. ودخل عزيز محمد السجن عام 1948 هو وأمه مع المئات الذين شملهم الاعتقال في ذلك الوقت .
ومن كل هذا فان عزيز محمد دخل السجن وهو بدون تجرية سياسية أو تجربة تنظيمية وتعلم في السجن من أساتذة الأحزاب القومية الكثير من الدروس، من أمثال حميد عثمان وصالح الحيدري وغيرهم ، فن الدسائس والتآمر والمكر والخداع .
وبعد اعدام قادة الحزب في شباط 1949 عصفت رياح عاتية، جعلت سفينة الحزب تتلاطم بها الأمواج حتى أسفر أمر تلك السفينة بيد الأقليات القومية. وكأن الحزب أصبح ملكاً صرفاً ــ طابو ــ لهذه الأقلية والى يومنا هذا، عدا فترات قصيرة. وبتأثير أفكار المنظمات القومية التي تربى في ظلها عزيز محمد، في بادئ الأمر تعلم أيضاً في السجن الانتهازية واللعب على الحبال مستغلاً الجهل والتطرف لقيادة بهاء الدين نوري محرضاً عليه المناضلين دافعاً بهم نحو الانشقاق، منذ عام 1951. وفي عام 1952 ظهرت في السجن رسالة عرفت باسم رسالة ــ م ــ وهي تشير الى الحرف الأول مـــن اسمه المستعار ( مخلص ) وكانت هذه الرسالة الانشقاقية لمنظمة راية الشغيلة، التي يتجنب عزيز محمد ذكرها في كل المناسبات. هذه هي البيضة الأولى لعزيز محمد في الحياة السياسية والتنظيمية في السجن، وبقى على هذه الحالة أشبه بالماء الراكد في مختلف مجالات الحياة السجنية، الى أن وقعت ثورة 14 تموز عام 1958. وبذلك انهى عزيز وآخرون عشر سنوات في السجن. وبعد أن أطلق سراح عزيز محمد من السجن، ضم الى عضوية اللجنة المركزية ومن ثم عيّن مسؤول منظمة الحزب في محافظة كركوك. وعندما وقعت أحـداث كركوك عام 1959 كان هو على رأس المنظمة هناك، وحضر اجتماع اللجنة المركزية لتقديم تقرير عن مسير الأحداث وأسبابها ودوافعها .
وقبل الاجتماع بفترة أيام، ألقى عبد الكريم قاسم خطاب في كنيسة المار يوسف، هاجم فيها حزبنا دون أن يذكر اسمه، وكان الاجتماع متوتراً والرفاق كلهم أذان لسماع ما يقوله مسؤول كركوك. واذا بعزيز محمد يفتتح حديثه بالقول : (والله لو كنت أنا في مكان عبد الكريم قاسم لما قلت الا كلامه الذي قاله في الكنيسة ). وكانت هذه البداية كالصاعقة نزلت على مسامع الرفاق، والكل في دهشة ويريد أن يسأل عن السبب واذا بقائد كركوك يقول : أيها الرفاق فلتت الأمور من يدنا وضعنا في وسط الأحداث، والرجعية هي التي سيرت الأمور وأحدثت الكارثة .
على ماذا يدل هذا القول ؟ . . . انه في الحقيقة يدل على أمور كثيرة. ولكن لنذكر أبسطها في ذلك الحين. يمكن القول ان الرجل لم يتمرس في العمل الحزبي ولا يعرف النشاط الجماهيري واسلوب تنظيمه، وهو يفتقر الى فن القيادة. كونه لم يمارس مثل هذه النشاطات في حياته الحزبية .
فاذا كان سنة واحدة في أربيل في بداية حياته الحزبية، وسنة في بيت المطبعة، وعشر سنوات في السجن، فأين مارس مثل هذه النشاطات الجماهيرية ؟ لا شيء بطبيعة الحال .
وبقى هذا الرجل، الذي يظهر بمظهر الخجول يعمل في كردستان الى أن حلت الكارثة بالحزب عام 1963 .
عزيز محمد بلا موقف سياسي معلوم فهو دائما وسطي، ميال الى الأغلبية ، بدون رأي واضح ، حتى اذا كانت تلك الأغلبية على خطأ صارخ ، كما حصل في السنين الأخيرة .
عزيز محمد و خط آب
ان عزيز محمد أنتخب سكرتيراً للجنة المركزية في ذات الاجتماع الذي أقر خط آب 1964. وعندما واجه هذا الخط معارضة من الكوادر الحزبية، وأخذت تلك المعارضة تنشط يوما بعد آخر. تملص عزيز محمد من مسؤوليته. ورمى تلك المسؤولية على عاتق بعض الرفاق باعتبارهم قد بلوروا هذا الخط، وهو لا علم له بتفاصيله، وخرج من المعركة سالماً وأطيح بعدد من الرفاق على انهم المسؤولين عن خط آب من خلال الكونفرانس الثالث للحزب .
وسارت الأمور الى سنة 1968، أي بعد أربع سنوات على خط آب حيث جاء حزب البعث الى السلطة وهو يدعوا حزب الشيوعيين الى عقد الجبهة. وكانت قيادة عزيز محمد المايعة، مرهونة بموقف البرزاني. وبقى خمس سنوات يراوح في مكانه وهو بلا طعم ولا لون. وفي عام 1973 عقدت الجبهة.