السكرتير الاسبق للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في سطور
تواردت الاخبار بعد ظهر يوم الاربعاء 31 / 5 / 2017 من مدينة اربيل حول وفاة عزيز محمد السكرتير الاسبق للحزب الشيوعي العراقي، للفترة 1964 ــ 1993، عن عمر يناهز 93 عاما، وكعادة العراقيين بدأ تداول وانتقال الخبر بينهم عبر طرق التواصل المختلفة مع هالة من المديح والاطراء للراحل جعلت منه اقرب ما يكون الى الالهة والقديسين والانبياء، من خلال ذاكرة عراقية تواردت الاخبار بعد ظهر يوم الاربعاء 31 / 5 / 2017 من مدينة اربيل حول وفاة عزيز محمد السكرتير الاسبق للحزب الشيوعي العراقي، للفترة 1964 ــ 1993، عن عمر يناهز 93 عاما، وكعادة العراقيين بدأ تداول وانتقال الخبر بينهم عبر طرق التواصل المختلفة مع هالة من المديح والاطراء معطوبة ومشوهة بقصد او دون قصد، وبالتالي انهال علينا الطبالين والمزمرين والمداحين والمتملقين بعشرات التقارير والمقالات عن التاريخ النضالي والانجازات الوطنية والحزبية الفذة للراحل, واكمالا للصورة ادرج هنا بعض المحطات من حياته، وما خفي كان اعظم، ليطلع الجيل الصاعد من الشيوعيين واليساريين وغيرهم على الحقيقة وفقط الحقيقة، والتي يتجاهلها البعض لغرض في نفس يعقوب ولتحريف الوقائع تماشيا مع المصالح الشخصية وسوء النفس البشرية وازدواجية الشخصية العراقية .
ح7
عزيز محمد وحسين سلطان
رسالة من حسين سلطان الى عزيز محمد وقيادة الحزب الشيوعي العراقي
تكريد الحزب الشيوعي العراقي عمل ضار مبعثه نظرة قومية وحيدة الطرف
الرفاق الأعزاء في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي
تحية رفاقية حارة
وضعت هذا العنوان لرسالتي هذه، لا لكي أطعن أو أخدش بعواطف هذا الرفيق أو ذاك. بل كان قصدي أن أضع أمامكم الحقيقة عارية لا لبس عليها ولا غموض. والغرض من ذلك هو شحذ الهمم لمعالجة الثغرات الموجودة في سياسة الحزب بالمسألة الكردية والعوامل التنظيمية التي أوجدت تلك السياسة، لمصلحة الحزب في حاضره ومستقبله ولذا أوضح ما يأتي :
منذ أن تعرض حزبنا لكارثة 1963 وما أعقبها من أحداث أخذت نسبة الأكراد ترتفع الى حد كبير في قيادة الحزب ومراكزه الهامة وتبعا لذلك نرى سياسية الحزب أخذت تسير في المسألة الكردية رويدا رويدا نحو التبعية، وحتى أمست هذه التبعية غير خافية على كل من لديه حد أدنى من الوعي الفكري والسياسي وأظن ان الكثير من الرفاق يتجنب التطرق الى هذا الموضوع لأسباب عدة ومنها الحساسية. وحيث شملت هذه التبعية مختلف المجالات الفكرية والسياسية والعسكرية، وحتى المعنوية لا سيما في كردستان وكاد أن يكون حزبنا فصيل من فصائل البارت، كل همه أن يجد المبررات للمسالك التي دخلت فيها قيادة الثورة الكردية. بالإضافة الى ترديد الجوانب الايجابية في وقت الحرب وفي الحلف الجديد وهكذا في كل الأحوال .
لقد كتبت لكم رسالة في خريف عام 1968 وكان موضوع الرسالة يتعلق بأحداث وقعت في حينها، وكان منها ورود أنباء تشير الى مسح أراضي كركوك(1) ووقوع ثلاثة حوادث مهمه في يوم واحد، وهذه الحوادث هي : نسف قطار كركوك والنشاطات الطلابية التي راح ضحيتها الطالب مطشر حواس وهجوم جيش العدو الاسرائيلي على قطعات جيشنا في الأردن وجاء تأكيد من ان هذه الأحداث لم تكن من باب الصدفة. بالإضافة الى ما تضمنته تلك الرسالة عن تحرشات ايران وموضوع الخليج العربي والاستنتاجات العامة من كل تلك الضغوط والتحرشات ابتداءا من رأس الحربة الامبريالية اسرائيل ومروراً بحلف السنتو والحركات الرجعية التابعة له. وكان خلاصة الرسالة هو التحذير من الوقوع بخطأ التمسك بالجزء مع تجاهل الكل. وأعني بذلك هو أن لا نضحي بحركة التحرر العربي الممتدة من الخليج الى المحيط والتي يقع فيها شريان حياة الامبريالية ( النفط ) وهذا هو الكل المضحى به، وأن نتمسك بالحركة الكردية وان كانت محقة في كل أهدافها. وبعد أشهر تلقيت الجواب من الرفيق جندل ( زكي خيري ) في احدى المناسبات حيث كان النقاش يدور حول القضية الكردية فقال الرفيق : ان ما عرضه ضاري ( حسين سلطان ) هو تماما ما تكتبه ( جريدة النور ) وكفى الله المؤمنين شر القتال، حقاً انها حجة بليغة ودامغة. حيث ليس من المستبعد أن يستمد ضاري ( حسين سلطان ) أصول أفكاره من جريدة النور أو من قصص مضايق الدردنيل .
ما أشبه الليلة بالبارحة
قد يعلم الجميع كيف تعرض حزبنا لانحراف انعزالي عن الحركة العربية في أعوام 47ــ 48 وذلك بسبب النفوذ اليهودي داخل حزبنا في القيادة والكادر. بحيث أظهروا في ذلك الحين ان معظم المنظمات الصهيونية تقدمية وان 80% من الشعب اليهودي هو تقدمي صيغت هذه الأفكار مع مستلزمات الاقناع في كراس ونشر في حينه ( ضوء على القضية الفلسطينية ) وأخيراً وبعد فوات الأوان، توضحت تلك التقدمية للشعب اليهودي لا في فلسطين فحسب بل عند معظم القادة الماركسيين في مختلف أرجــاء الدنيا .
والآن وحزبنا يتعرض لنفس خطر الانعزال وذلك بسبب تكريد كافة أجهزة الحزب الأساسية، وتحت نفس اللافتة التي أوقعتنا في الانعزال الأول وكأنه مكتوب على الشيوعيين العرب في العراق وحدهم أن يتنكروا لقوميتهم، وأن يسيروا خلف هذه القومية أو تلك ، وأن يكونوا أمميين أقحاح الى الحد الذي يعزلهم عن جماهير أمتهم الواسعة ( وهي تقاتل الامبريالية واسرائيل ) وأن يلتصقوا أكثر فأكثر بالحليف مصطفى البرزاني الذي لا يعلم الا الله كم حليف عنده في السر والعلن ومن أطراف متناقضة تماما .
} أرجو أن لا تفسر المقارنة المذكورة أعلاه بأكثر من حدودها الموضحة للعوامل الخارجية الضاغطة أما المؤثرات الداخلية فلا يسعني والحالة هذه الا أن أذكر استشهاد لينين العظيم القائل : ( كثيرا ما يكون طريق جهنم مبلط بالنوايا الحسنة ){ .
لقد أوضحت الأشهر التسعة الماضية حقيقة هذا الحليف بـمـجـمـوعه، وأوضحت منذ آذار كم كنا نحن على استعداد أن نكون بطانة لقيادة كلالة بدون قيد أو شرط. الا ان سير الأحداث جاء مـبـكــــرا، ووضعت الأمور في مكانها الطبيعي وانجلت القضايا لكل من لم تتأثر بصيرته بضباب القومية أو الطبقية أو غيرها. وأخيرا لذنا بالصمت عن حليفنا الذي تنكر لنا بمرئى ومسمع من العالم أجمع، وبعد أن أنهى شغله بـ ( جاون الوقف ) وأبقى علاقاته الدبلوماسية ــ ان صح التعبير ــ جسرا لغاية الاستخدام مرة أخرى اذا ما دعت الحاجة اليه. لم يفكر أحد بالانعزال عن الحركة الكردية وتركها فريسة لمصالح الطبقات الأخرى، كما هو الحال في الوقت الحاضر من الناحية العملية، ولكن الملاحظ ان عدم الانعزال هذا تحول الى شيء آخر تماما، ان الثورة الكردية بعد قيامها لم تكن غايه بحد ذاتها، وبعد أن أرست الى ماهي عليه ينبغي أن نعطي الاهتمام الى الغاية. لا أظن يوجد انسان يحمل شيء من التقدمية ــ دع عنك الشيوعيين ــ يعارض الحقوق القومية الكاملة للشعب الكردي، ولكن الخلاف يكمن في النهج السياسي والاقتصادي لقادة هذه الحركة والذي أخذ يظهر على سطح الأحـــــــــداث، وان المتتبع لما تكتبه جريدة التآخي في السياسية الاقتصادية ــ المكشوفة منها والمبطنة ــ يستطيع بدون عناء أن يحكم ان هذه السياسة وضغطها المركز هو بالأساس الى السياسة الاقتصادية الرسمية ردة الى الوراء ، الى ما قبل ثورة تموز 1958 .
أما المناداة بالحريات الديمقراطية شكلا وممارسة العكس فعلا، فالكل يعلم ماذا جرى ويجري في الأرض التي سيطرت عليها هذه القيادة في السنين السابقة وما تلاها من أساليب التقتيل والتنكيل والاضطهاد للقوى الأخرى. والآن جاء دور اللعب على الحبال ولسان حالهم يقول ( كلنا نمشي رويدا كلنا نطلب الصيد ) والغريب في الأمر اننا لم ننتقد التــــآخي ــ مجرد نقد أخوي ــ على نهجها الاقتصادي، وضغطها بالتنسيق مع أوساط داخلية وقد يكون لها خيوط في الخارج من أجل زحزحة الحكم عن نهجه الاقتصادي على توسيع القطاع العام، بل أخذت تشدد من أجل ارجاع ما تحقق في عام 1964 من خطوات التأميم الى القطاع الخاص .
أقول ماذا نفعل لو طالب حزب آخر غير البارتي وبنصف هذه اللجاجة نحو التطور الرأسمالي في بلادنا بعد أن قطع شوطا لا بأس به نحو التطور في التحولات الاجتماعية، أعتقد نصفه بنهج رجعي على أقل تقدير ونحن على حق بذلك. ولكن مع البارت الأمر يختلف. لأننا نتجنب ما يغضبهم لئلا تنهدم أركان الديمقراطية في بلدنا. ولا يسع المرء الا أن يصبح تعسا لتلك الديمقراطية التي نأملها من قيادة كلالة، وبؤسا لتلك الحرية التي يشيدها نبلاء القرون الوسطى، ان من يريد خدع النفس يحاول نسيان الوقائع المرة، القريبة منها والبعيدة، ولكن لمحة عابرة لمواقف حزب البارت من حزبنا تبين بوضوح ان هذا الحزب يسعى لجعل حزبنا تابع له، واذا تعذر ذلك يسعى لتخريبه من الداخل. وكلنا نتذكر حوادث عام 1956 حين التحقت قيادة فرع حزبنا بحزب البارت ــ قلا وقليفان ــ أي } صابر ( حميد عثمان ) وجماعته {(2) وفي عهد قاسم حينما نشط البرزاني شخصيا لتثبيت الحزب المصطنع بقيادة داود الصائغ تحت واجهة الحزب الشيوعي العراقي الرسمي. وفي عام 1967 عملت قيادة هذا الحزب لتمزيق حزبنا مرة أخرى وكان فارسهم في هذه المرة الديماكوكي المرتد رمزي ( عزيز الحاج ). وكان آخر الرتل البرزاني خفية والشيوعي علنا المخرب لامع ( . . . )(3) والحبل على الجرار . . .
واذا تفحصنا قيادة حزب البارت ومفكريه نجد ما يزيد على 60% منهم كانوا يحملون بطاقة حزبنا. وهذه الظاهرة تدعوا لطرح السؤال التـالي :
( ان في بلادنا العديد من الأحزاب الوطنية والديمقراطية والقومية وانها تمثل أما البرجوازية أو البرجوازية الصغيرة. ولكن لماذا تنحصر هذه الظاهرة ــ من حيث تصدير الكادر وغيرها ــ فقط بحزب البارت في حين لم نجد أثر لمثل هذه الظاهرة في الأحزاب الأخرى ) .
وهذا يجعلنا نشكر الله كثيراً حيث لم يتكون حزب قومي تركماني على اعتبار تكون المصيبة أكبر لو تكفلنا بتصدير الكادر لهذا الحزب .
أن هذه الظاهرة تدلنا على أصل الداء، وأعني بذلك داء البرجوازية الصغيرة التي هي نصفها تقدمي ونصفها الآخر رجعي أو شوفيني وان معظم أخطاء وانحرافات حزبنا في المسائل الوطنية والقومية يكون على الغالب مبعثه هو تأرجح هذه الفئات بين قطبين أو واقعين متفاوتين الى حد كبير ــ بالإضافة الى الأصل ــ بين أفكار تفاعلت مع أرقى التطورات في أوربا، وبين واقع وطني وقومي، ما زال في بدء النهوض ضمن أطار التخلف العام. وهذا الواقع مما يجعل الكثير من أمثال صــابر ( حميد عثمان ) ورمزي ( عزيز الحاج ) ومن لف لفهم أن يضعوا أرجلهم على كفتي الميزان لكي ينتقل من كفة الى أخرى في الوقت المناسب والملائم لهم، وهكذا نست الحزينة ما مضى بالنسبة لرفيق جالاك(4) وغيره .
ويبدو لمن يراقب سير الأحداث انه لم يبق كادر واحد من الشيوعيين العرب يحظى بثقة قادة حزبنا الأكراد الى حد حتى امتياز مجلة الثقافة الجديدة ينسب وفق الوتيرة ذات الطرف الواحد والمشار اليها أعلاه .
واذا أخذنا تركيب المؤتمر الثاني لحزبنا يكون موضوع هذه الوتيرة لا يحتاج الى البرهان حيث ان رفاقنا الأكراد والأقوام الأخرى غير العربية يكونوا أكثر من 75% من نسبة المندوبين. ومن أصل الـ ( 22 )(5) لا يزيد عدد العرب بين 4 الى 6 أشخاص وهذا دليل آخر على صحة المسألة التي نحن في صددها .
أيها الرفاق الأعزاء أرجوا المعذرة حيث أني تطرقت الى موضـــــوع ذو حساسية بالغة بكل صراحة ووضوح. والحقيقة اني طيلة حياتي الحزبية لم أفكر في مثل هذا الموضوع أبداً ولكن هجار ( توفيق أحمد ) هو الذي فتح عيني مؤخرا وأثناء انعقاد المؤتمر على وجه التحديد حيث وصل مبكرا كل من جندل ( زكي خيري ) وضاري ( حسين سلطان ) وحيدر ( ماجد عبد الرضا ) وكان باستقبالنا هجار وفي أحدى المرات وجه هجار السؤال الى حيدر ــ علما اني لم أعرف من قبل حيدر كردياً ــ قال له هجار بالحرف الواحد ( حينما أعددنا أعضاء اللجنة المركزية الأكراد لم نحسبك على ملاك الأكراد ) حسناً ماذا يدل هذا القول؟ يدل أولاً ان المخاطَب كردي، ويدل ثانياً ان هناك مسح قومي وحساب وكتاب لهذا الموضوع. وأخيراً فان مجرى الأمور جاء يؤكد هذه القضايا بشكل يكاد أن يكون صارخاً ان لم يكن صارخاً أساساً. ولا بد انكم تتذكرون حينما سألت عن أسباب إلحاق منظمة الموصل بالإقليم وكنت أعني من ضمن ما أعنيه في هذه الرسالة في ذلك الوقــــت(6) .
أيها الرفاق يخيل لي حينما تقرأ رسالتي هذه، وبعد ابتسامات الاستهزاء يبدأ كيل اللعنات على هذه الأفكار السقيمة والمجافية للروح الأممية والتي تعط منها النزعة الشوفينية والى غير ذلك من الأوصاف. حسنا أيها الرفاق لندع هذه الأفكار ولا ننسى انها مجرد أفكار مطروحة أمامكم. ولكن ما رايكم بمن يمارس عمليا أبعد من هذه الأفكار في حياة الحزب مع فرق واحد هو ان الأفكار التي تمارس عمليا صادرة بقرارات مع حيثيات نظامية ــ أي تأخذ الصفة الشرعية ــ وهنا سر الأذى على حاضر ومستقبل حزبنا. وليس أمام الآخرين والحالة هذه إلا أن يطرحوا أفكارهم المجردة، آملين أن تترك صدى وأن كان قليل جداً على سير الوتيرة المشار اليها أعلاه .
نشوة الانتصار وعلاقتها بتلك الوتيرة
الملاحظ بعد انتصار الحركة الكردية في اعلان اتفاقيــة 11 / آذار، جعلت هذه الاتفاقية ارتفاع نشوة الانتصار لدى قيادة كــلالة الى الحد الذي يكاد يفقدها الصواب. وهذا الأمر ليس غريب ولكن الغرابة أن تشمل هذه النشوة الشيوعيين العراقيين بوجه عام والأكراد بوجه خاص. نقول ليس بغريب أن تصاب قيادة كلاله بالغرور والتعالي حيث ان هذه القيادة تمد تحالفاتها من أقصى اليمين الى أقصى اليسار بالإضافة الى واقعها الملموس، فمثلا حدودها مازالت مفتوحه مع قاعدة حلف السنتو وصلاتها على خير ما يرام، كما وان علاقاتها وطيدة مع الحزب الفاطمي ويشهد على ذلك وفدها الكبير والرفيع الشأن الذي حضر الفاتحة المقامة على روح السيد محسن الحكيم. كما ولها علاقات ومغازلات متبادلة مع الجمهورية العربية المتحدة متحدية بذلك علاقات الحلف والمشاركة. وليس خافيا على أحد ارتباطاتها المتينة مع أقطاب الرأسماليين الوطنيين والكومبرادوريين، وجعلت من صفحات التآخي ميدانا لعرض أفكارهم والدفاع عنها. وليس هذا سرا علاقاتها بالإقطاعيين عموما والأكراد خصوصا . بالإضافة الى كل هذه الارتباطات العجيبة والغريبة المعروفة وغير المعروفة فان هذه القيادة تظهر صداقتها وحبها للحزب الشيوعي في أثناء المقابلات مع من يعنيهم الأمر، أقول ليس أكثر من مجرد حديث ولكن النتيجة يتحول هذا الحديث بعد حين وكانه آيات منزلة يرددها البعض في مناسبة وفي غير مناسبة دون الالتفات الى مآرب تلك الأحاديث وقصدها القريب والبعيد(7) .
ومع كل هذه التشابكات فان هذه القيادة حليف لحزب البعث العربي الاشتراكي وشريكة في الحكم ومن خلال هذه الشراكة ينالون أكثر من حقهم باسم الشعب الكردي الكادح الواقع بين ( حانة ومانة )، والطليعة شغلها الشاغل تفسير الأحداث بعد وقوعها، طبقا لمقتضيات الحال .
وأخيراً فان هذه القيادة تدخل كل هذه التحالفات والمغازلات لا من أجل سواد عيون هذا الحزب أو ذاك ولا من أجل مصالح الكادحين الأكراد وإنما بوحي من مصالحها الطبقية ــ مع فائض القيمة عن تركة النبلاء ــ اذن فان نشوة الانتصار تصعد عند قيادة كلالة استنادا الى هذه المكاسب الملموسة آنيا، مع الضمانات الأخرى عند هبوب الرياح من مختلف الاتجاهات وعلى هذا نتساءل نحن الشيوعيين العراقيين عن مواضع أقدامنا في مثل هذه الأوضاع وبعد المحن القاسية والتجارب المرة يحق لنا أن نقول، أنعد أنفسنا حطباً لانضاج ما يرغب به الآخرين. ومع كل هذا نرى البعض منا يترنح وكأنه هو المنتصر وكما يقول الشاعر ( المستشار هو الذي شرب الطلا فعلام يا . . . ) .
الوضع الداخلي
سياسة مبعثها الذاتية، ومظهرها الأغراء لجانب والأذلال لجانب آخر، واذا أخذنا حياة الحزب الداخلية تكون اللوحة أمامنا على الشكل التـــــالي :
بعد مذبحة شباط الرهيبة التي صفت من كادر الحزب ما يزيد على 80% بطرق مختلفة، بقيت البقية تواصل العمل بهمة واخلاص وما أن تقرر خط آب 64 وتبلور الخلاف بين المعارضين والمدافعين، انبرى وسط آخر وقف بين بين يترقب نتيجة المعركة، لكي يقرر موقفه على ضوء تلك النتائج. ان هذا الوسط لم يكتف بهذا الموقف بل راح يسّعر ما استطاع التسعير من نار الخلاف ويلوذ بالصمت أمام المتـصارعين، وكأنه من المتفرجين ولسان حاله يقول : اصبروا قليلاً أيها السّذج سأقذف بكم جميعا خارج هذه الحلبة، ولكن لا بدفعة واحدة الا نصفكم الأول، أما النصف الثاني سيقذف بالتدريج وبدون ضجيج. وأخذ هذا الوسط يدافع وكانه { يحضر القبغ لجدر وليد ( حسين الكمر ) اذا تدهدر }(8).
ليس غريبا على هذا الوسط جامع الخبرة من المقاعد الخلفية في مجالس السجون، وإدارة الانقسامات وتحقيق المرام. وأخيراً حلت كارثة الانشقاق وذهب كل في سبيله وكان البعض يرقد في معتقلـه. الاختياري دون قلق أو وجل وكانه ضامن الربح سالم الخسارة(9) .
وبعد فترة وجيزة تربع هذا الوسط ليصدر أحكاماً على خط آب وأفكاره وعلى الانشقاق وبشاعته وأخذت مبادئ هذا الوسط طريقها ( وأعني مبادئ الرقص على أشلاء الآخرين ) واسدلت الستارة بعد اشباع غرور اللاهثين وراء التيجان. وهكذا لاقت البقية الباقية من كارثة شباط هذا المصير خلال سنتين فقط، ابتداء من أواخر عام 65 والى نهايـة عام 67. وهكذا حل الدور الثاني، دور الاغراء والتهديد دور سيادة التملق والبطانات وقبل أن أنهي الدور الأول من هذه المسيرة أجد من المناسب أن أسجل بعض الملاحظات عن ” مجرمي ” خط آب وعن ” براءة ” الآخرين وهذه الملاحظات أبدأها بالأسئلة التالية :
1) من هم أقطاب هذا الخط ؟
2) كيف جرى الفصل بينهم وبين الآخرين ؟
3) ما هي ” الجرائم ” التي ارتكبها أقطاب هذا الخط بمعزل عن الآخـــرين ؟
4) ماذا نتوقع من نتيجة لو سارت الحركة وفق أفكار الرمزوين المغامرين بدافع اليأس في الداخل والخارج ؟
أكتفي بهذه الأسئلة الأربعة من بين العشرات. فأقول اذا كان الانسان منصفاً في أحكامه ( وما أندر المنصفين في وسطنا الحالي ) وأراد أن يشخص المسؤولين عن خط آب وهو ملم بما تحتوي ملفات المحاضر ابتداءً من تموز 63 وانتهاءً الى آب 64 وما أعقبه بقليل، يستطيع والحالة هذه أن يرسم صورة واضحة عن دور المساهمين بشكل مباشر أو ما أشبه بالمباشر ــ عدا جماعة لفيف(10) ــ أما إذا أراد أن يستعرض ما في مخيلة أولئك الطامحين الى الزعامة منذ أمد بعيد ــ بعيد جداًــ(11) بدل استعراض المحاضر يجد الصورة موضوعة بشكل آخر يغاير الواقع والحقيقة لا لشيء إلا لغرض في نفس يعقوب . . .
والخلاصة التي أعرفها أنا، ان كافة أعضاء واحتياط اللجنة المركزيـــــة، عدا تحفظات رمزي ( عزيز الحاج ) وكافة الكوادر، عدا نفر قليل من مؤيدي رمزي، ان هؤلاء جميعا أحمرت أيديهم تصفيقاً لخط آب بعد أن قررته اللجنة المركزية عدا رمزي. بالإضافة الى المبادرات السابقة(12) والتعميقات اللاحقة(13) التي أبداها البعض. ولذا يتساءل المرء، على أي أساس حُملت المسؤولية لفريق واعفيَ الفريق الآخر وان كان له حصة الأسد في خط آب. أعود فأذكر ما قاله الوسط المتفرج (اصبروا قليلا أيها السذج سأقذف بكم خارج الحلبة ولكن لا بدفعة واحدة إلا نصفكم الأول أما النصف الثاني سيقذف بالتدريج وبدون ضجيج ) وكأني به يهمس قائلاً سأجعل قاعدة لعمل الكادر، الحــــــــكمة القائلة : ( إذا كان الكلام من فضة فأن السكوت من ذهب ) أما ” الجرائم ” التي ارتكبت بمعزل عن الآخرين فهي تنحصر أولاً وقبل كل شيء في ثلاثة مسائل أساسية وهي كالآتي :
1) بعد النكبة مباشرة نشط البعض للم الشتات المُبَعثر في أرجاء الشرق الأوسط وأوربا بجمع الصفوف، وذلك بفضل مساعدة الأشقاء .
2) أعيد الاعتبار الى من كانت عضويتهم مهددة في الحزب وضموا مباشرة الى اللجنة المركزية (14) .
3) مقارعة التيار الفوضوي الذي كان يقوده في الخارج رمزي ( عزيز الحاج ) ويقوده في الداخل زميله .
هذه هي ” الجرائم ” الثلاث التي ارتكبت بمعزل عن الآخرين. ولكن لماذا لانسمع ــ حتى ولو كان بالهمس ــ عن إنجازات الآخرين وعندما تفتقت العبقرية في أواخر عام 1961 ( بعد وضع التاج في مكانه اللائـق ) وحللت تلك العبقرية وضع حكم قاسم، وأفتت الى كافة المختفين بالخروج الى العلن وكان من بين ضحايا تلك الفتوى الشهيد حمزة سلمان، والتحليل ” الرصين ” لموقف الحركة الكردية في ذلك الحين، وما أعقبها من نشاطات تنظيمية فوق الضبط ــ التكتل ــ الذي أشغل الحزب في أدق الفترات. ولم نسمع أيضا ولا كلمه واحدة عن نشاط اللعب على الحبال ( بل على كل الحبال ) أثناء التمهيد للانشقاق الأخير. أظن ان كل هذه الأعمال بطولات وليس شيء آخر ومن باب التواضع لا تذكر .
وأخيراً ماذا نتوقع لو أتبعت خطة المغامرين اليائسين ( حرب الأنصار الفلاحية ) في تلك الظروف الصعبة، أظن ان رمزي ( عزيز الحاج ) لا يلام حيث انه يقاتل من متاريس خلف الحدود، ولكن المـلامة ــ كل الملامة ــ تقع على عاتق من يفكر بهذا التفكير في الوقت الذي كان يعاني صعوبة جدية في إيجاد مأوى له يستقر فيه ليلة واحدة. رحم الله جيفارا لأنه كان مقاتل عنيد ومنسجم مع نفسه أما رجالنا ” الرمزويون ” فكانوا على العكس من ذلك تماما .
الدور الثاني من المسيرة
دور الأغراء والتهديد ، دور سيادة التملق
لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا الموضوع الطويل العريض والذي لابد أن يجرني الى أشخاص أو شخصيات عديدة لذلك أكتفي بالقول : ان هذا الدور يدفعنا رغم عنا أن نناديكم أيها الرفاق، قائلين رفقاً بحزبنا الجبـار، رفقاً بعملاق العراق، ونحن على ثقة مطلقة ان هذا العملاق المنبثق من صلب الماركسية اللينينية ، كان وما يزال وسيبقى حزب الحياة رغم كل الهفوات والنواقص والأخطاء، وان تاريخه لا يرحم المتجاوزين على مبادئه مهما كانت مكانتهم .
وأرجوا أن لا تغرب عن بالكم الحكمة القائلة ( لا دخان بلا نار ) وما هذه الصيحة إلا جزء قليل من الواقع المر في المجالات التي ذكرتها في هذه الرسالة .
وأخيراً فاذا أصبت بكثير أو قليل مما احتوته هذه الرسالة، فالفضل يعود اولاً وأخيراً الى الحزب الذي ربى من الكادحين المعدمين البسطاء رجال يخوضون في مثل هذه المواضيع. وان أخطأت فان السبب يعود الى تقصيري الذاتي .
وختاماً راجياً لكم التوفيق في خدمة أهداف الطبقة العاملة وجماهير شعبنا الكادح .
ضـــــــاري
( ضاري : الاسم الحزبي للفقيد حسين سلطان في حينها / خ.ح )
30 / 12 / 1970
ــــــــــــــــــــ
الهوامش *
1) إشارة الى مسح الصهاينة الى أراضي كركوك وغيرها .
2) إشارة الى نشاط حميد عثمان في عام 1956 حيث أثر على قيادة فرع كردستان للحزب الشيوعي العراقي وانضمامه الى الــحزب الديمقراطي الكردسـتاني، أصدر الحزب على أثر هذه الحركة كراس جزء من عنوانه ــ على ما أتذكر ــ أفكار تصفوية .
3) لامع كان خط مائل لعزيز الحاج في داخل الحزب حتى انعقاد الكونفرانس الثالث عام 1967 حيث كان لامع حاضر فيه وعند انفضاضه كشف هويته وذهــب الى جماعة عزيز الحاج. ولا أعرف اسم لامع الصريح .
4) رفيق جالاك : كان في المركز القيادي مع ساسون دلال، وبعد إعدام ساسون دلال بقى جالاك يمارس نشاطه الحزبي مع صبري عبد الكريم وجاسم الطـعان، وعند إلقاء القبض عليهم تعاونوا مع الأمن وبعد فترة عاد جالاك واقترب من الحزب الشيوعي مرة أخرى .
5) ان الاشارة الى رقم ( 22 ) هو عدد أعضاء اللجنة المركزية .
6) وجهت السؤال بالمؤتمر عن أسباب الحاق الموصل بالإقليم .
7) ان عزيز محمد كان يمدح مصطفى البرزاني أينما جاء ذكره وفي مختلف المجالات .
8) تعليق يعتمد على المثل الشعبي المعروف ( تدهدر الجدر ولكة قبغة ) 9) المقصود