وفاة القُدرة الشرائية للتونسي …
بعد صراع مرير مع ارتفاع الأسعار
من سنة الى أخرى … ومن شهر لآخر … تتعمّق أزمة المستهلك التونسي بنزيف الزيادات المتواصل والغير المبرر الذي طال المواد الغذائية الضرورية من اللحوم الحمراء إلى اللحوم البيضاء والزرقاء وجميع الأشكال والألوان من الخضر والغلال اضافة الى النقل , الدواء , السكن , الخدمات الصحية , الفواتير الاستهلاكية والتعليم … و ما عمق الازمة اكثر هذه الايام الناقص الفادح في عدد من المواد الاستهلاكية وخاصة المدعمة . فبعد أن شهدت السنوات الفارطة اختفاء الزيت النباتي، عرفت هذه السنة نقصا كبيرا في التزود بالحليب نصف الدسم المدعم ومادة السميد والزبدة، و آخر الوافدين على قائمة المواد الغذائية المهددة بالانقراض ، هو البيض
كل هذه العوامل تدعو الى التساؤل عن دور المسؤولين ومنظمات المستهلك في التصدي لموجة غلاء الاسعار والاحتكار ? كما يبقى السؤال الاهم مطروحا عن أسباب هذا الغلاء و الناقص الفادح في المواد الاستهلاكية وخاصة المدعمة ?
تكشف كل المؤشرات الاقتصادية هذه الايام عن مدى حساسية الوضع، خاصة الارتفاع المهول للأسعار, من جهة
والناقص الفادح في المواد الاستهلاكية وخاصة المدعمة من جهة اخرى . فقد تصاعد تذمّر الشارع التونسي من شطط الغلاء واعتبر المواطن أن الوضع المعيشي في تونس أصبح لا يطاق وقد ارجع الكثير ممن تحدّثنا اليهم تفاقم الحرقة والانتحار في صفوف الشباب الى ضيق سوق الشغل وتعطيل التنمية مقابل ارتفاع نسق الغلاء وتسببه المباشر في تدهور القدرة الشرائية وتلاشي الطبقة الوسطى وارتفاع نسبة الفقر وغياب الحلول لانفراج الوضع …
وفاة القدرة الشرائية للتونسي … بعد صراع مع المرض العضال .
تحوّلت الزيادات في تونس الى كرة ثلج لا تستثني اي قطاع .. فقد شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا مشطا، مما جعل القدرة الشرائية للمواطن مهترئة، إضافة إلى تصاعدا نسبة التضخّم خلال السنة الفارطة بشكل لا ينسجم مع معدّل الاجور خاصة و ان نسق الزيادة في الأسعار في الفترة الاخيرة ليس له ضوابط واغلبها تمّ اقراره عشوائيا من الباعة.
حيث انه نظرا إلى تحرير اسعار 85 % من السلع والمنتجات وضعف رقابة الدولة على مسالك التوزيع، استغلال العديد من التجار ضعف جهاز الرقابة الاقتصادية لزيادة الأسعار، وهو ما أنهك الطاقة الشرائية للمستهلك. وللإشارة فقد تراجعت القدرة الشرائية للتونسيين منذ اندلاع الثورة بنسبة 25 %، ويرى الخبير الاقتصادي وليد بن صالح ان معضلة الغلاء ستتواصل بسبب تواصل عوامل الغلاء وعدم علاجها منها تراجع قيمة الدينار مما تسبب في الغلاء المستورد نتيجة استيراد المنتجات والمواد الأولية بالعملة الصعبة و بأسعار باهظة، وهو ما تسبب مباشرة في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية في السوق الداخلية وانتعاش السوق الموازية والمضاربة والترفيع في نسبة الفائدة المديرية وخدمات التأمين…
البيض السائب والحليب المدعّم مفقود … والباهظ موجود
منذ اشهر
تتواصل أزمة نقص الحليب المدعّم في
المساحات التجارية الكبرى أو لدى باعة التفصيل، وتوسعت الازمة لتشمل البيض
غير المعلّب والزبدة وغيرها من المنتوجات … وما يرافق هذا النقص من تجاوزات على
غرار البيع المشروط والترفيع غير القانوني في الاسعار. وسط تطمينات وزارة التجارة
بتعديل السوق عبر ضخّ الكميات اللازمة من هذه المواد في الفترة القادمة . لكن
المواطن لا يطمئن كثيرا لهذه التصريحات لأنه يعلم مسبقا ان بارونات المضاربة
والاحتكار الذين عجزت سياسات الحكومات المتعاقبة في وضع حد لسيطرتهم على مسالك
التوزيع وباتوا المتحكمين في العرض والطلب ويحرّرون أسعار مواد أساسية في
تحدّ للدولة وقوانينها سرعان ما تسحب هذه الكميات من السوق قبل ان تصل الى قفته .
ومازال المستهلك الى اليوم لا يجد جوابا لتساؤلاته حول اسباب وجود ازمات فقط في
الحليب المدعّم مقابل تزويد السوق بصفة عادية بالحليب كامل الدسم والمخصص للريجيم
باهظ الثمن وتواصل توفر كميات كبيرة من مادة الياغورت والاجبان فهل ان الابقار
التونسية توقفت فقط عن انتاج الحليب نصف الدسم. وكذلك الامر بالنسبة الى البيض
الذي يتواصل ترويج المعلّب منه باهظ الثمن وفقدان البيض السائب.
واخيرا فقد
وعد السياسيين الشعب التونسي قبل
الانتخابات 2014 بالحفاظ على القدرة الشرائية فإذا بهذه القُدرة قد توفيت بعد صراع
طويل ومرير مع مرض عُضال اسمه غلاء الأسعار وحذار أن تتكلموا في الانتخابات
القادمة عن القدرة الشرائية لأنكم مطالبون بذكر موتاكم بخير وإنا لله وإنا إليه راجعون … فقد أعلن ارتفاع الاسعار عن
وفاة القدرة الشرائية للمواطن التونسي بعد صراع مرير مع التضخم وضخّ المزيد من
الضرائب